بصراحة : الهجوم على القطاع العام لمصلحة من ؟
نقطة الهجوم الأساسية التي اتبعتها الحكومات السابقة واللاحقة على القطاع العام خاصةً الصناعي من أجل «تطويره وإصلاحه» كانت تبدأ بتصويب النيران على العمال
والنغمة التي تردد بمعظم التقارير الحكومية الصادرة عن وزارة الصناعة، أن السبب الرئيسي في «خسارة» الشركات والمعامل وجود عمالة فائضة تؤدي إلى رفع التكاليف الإنتاجية، مما يجعل المنتج في القطاع العام مرتفع السعر لا يستطيع عندها المنافسة مع القطاع الخاص المنتج للأصناف نفسها، مما يفاقم من كميات المخازين للمنتج النهائي، ويجعل إمكانية التصريف لهذا المنتج فيها صعبة، وهذا المنطق السائد في الدوائر الحكومية ليس وليد الساعة، بل هو يستند إلى مجموعة واسعة من التنظيرات التي قدمتها مؤسسات دولية استقدمت من أجل دراسة واقع القطاع العام لأجل إصلاحه وفقاً لوجهة النظر الليبرالية التي ترى أن الخطوة الأولى بالأصلاح تنطلق من تخفيض عدد العمال في المعامل، ولكن أي عمال يراد تخفضيهم هم عمال الإنتاج المباشرين التي أكدت التقارير النقابية المقدمة إلى المؤتمرات النقابية أن هناك نقصاً حقيقياً في أعدادهم لأسباب مختلفة منها ممانعة الحكومات في رفد المعامل بدماء جديدة متعلمة، ومختصة في المهن المختلفة التي تتطلبها العملية الإنتاجية وهذا متوفر في خريجي المعاهد والثانويات الصناعية، وخريجي الجامعات، الأمر الذي سيؤدي إلى تطوير فعلي في العمل الإنتاجي والإداري، خاصةً إذا ما ترافق مع تحرر كامل من سطوة القوانين البيروقراطية المعيقة للعمل والمسؤولين المنتفعين الذين يرون في القطاع العام البقرة الحلوب دائمة العطاء دون حساب.
القطاع العام أثبت قدرته على التخفيف من وقع الحصار الجائر المضروب على شعبنا بالرغم من الوهن الذي أصيب به على مدار عقود، وزادت الأزمة الحالية من ذلك بسب الخراب والدمار الطائلين، بالإضافة للدور الذي لعبته بعض إدارات المعامل والشركات بالتكافل والتضامن مع مدراء المؤسسات الصناعية غير القادرة على اتخاذ القرار المطلوب اتخاذه في إعادة تشغيل المعامل وفقاً للمستجدات من الظروف، مما زاد من الخسائر المادية «تاميكو نموذجاً» التي مني بها، والتي كان من الممكن تقليلها إلى الحدود الدنيا عما هي عليه.
إن النضال من أجل الحفاظ على ما تبقى من القطاع العام، وإعادة تشغيله بطاقته القصوى دون عراقيل مهمة وطنية تقع على عاتق القوى الشريفة والنظيفة، والقوى الوطنية التي ترى في القطاع العام قائداً وحامياُ للاقتصاد الوطني، في مقدمتها الحركة النقابية التي تستطيع فعل ذلك مع توفر الإرادة السياسية والكفاحية لهذا العمل الوطني !!