من الأرشيف العمالي : رجعية على طول الخط
أبو فهد أبو فهد

من الأرشيف العمالي : رجعية على طول الخط

أثارت ندوة الحوار الوطني التي أقيمت بدمشق بدعوة من اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين ردود أفعال مختلفة أبرزها وأكثرها حدة تلك التي رددها المبهورون بالليبرالية والمبشرون في الفضاء السياسي والثقافي السوري، ومن باب المساهمة في الحوار سنحاول مناقشة بعض الآراء والأفكار في هذا المجال:

 المعروف أن الليبرالية أيديولوجيا البرجوازية في بواكير نشوئها وصراعها مع الإقطاع رفعت شعار (دعه يعمل.. دعه يمر). ولكنها مع وصول الرأسمالية إلى مرحلتها الاحتكارية والبدء بتقسيم العالم غدت هذه الليبرالية رجعية على طول الخط، وأصبحت معرقلاً للتطور الموضوعي لملايين البشر في أطراف النظام الرأسمالي وضربت بعرض الحائط قيم الحرية والمساواة والتنوير الليبرالية. وفي المرحلة الراهنة من تطور الرأسمالية- العولمية-  بات الجميع  يدركون أن الليبرالية الجديدة بنموذجها الأمريكي لا تسعى إلى السيطرة فحسب بل تحاول أيضاً الاستفراد بها، والتحكم ليس بمصالح شعوب الأطراف فقط بل بمجموع التطور العالمي ومن هنا لا يمكن الحديث عن شيء جديد لدى الليبرالية العتيدة من حيث الجوهر.
إن الرأسمال أناني وجشع بطبيعته. أما ما هو غير طبيعي حقا فهو موقف بعض النخب الثقافية التي تحاول تسويق هذا النموذج الليبرالي، عبر خطاب ديماغوجي مضلل، إذ تقدمه لنا وكأنها المنقذ الوحيد لما نحن فيه من فساد واستبداد.
إن هذه النخب، إما لا تدرك حقيقة الموقف وجوهره أو إنها تلعب وبإتقان دور صباغي أحذية الغزاة وبائعي الدم والضمير. وإن قولهم إن الليبرالية ستأتي لتنقذنا من البرجوازية الطفيلية. فهي معادلة لا أخلاقية ومنافقة. أو ليست البرجوازية الطفيلية هي عرّاب المشروع الليبرالي في العالم الثالث ومنه بلادنا؟!
بقي أن نؤكد أن هذا الموقف من الليبرالية لا يعني أننا معجبون بالواقع الراهن والذي نؤكد على ضرورة تجاوزه، لا بطريقة الليبراليين الجدد، بل عبر أوسع حوار وطني يفضي إلى أوسع تحالف وطني ديمقراطي ليس هدفه تقاسم المكاسب والغنائم والمغانم مع أحد، بل من أجل كرامة الوطن والتي هي مجموع كرامات المواطنين.

قاسيون العدد 235 تشرين الثاني 2004