بصراحة : التأمينات الاجتماعية بين القديم والجديد؟!
التعديل المفترض على قانون التأمينات الاجتماعية الجاري التحضير له من خلال اللجنة التي شكلتها وزارة العمل بالاشتراك مع المختصين القانونيين والنقابات، قد أملته الضرورة الناتجة عن التزايد في أعداد العاملين بآجر والتنوع الواسع في المهن التي لم تكن موجودة على نطاق واسع كما هي حالها الآن
مثل العاملين في مجال البرمجيات، وخدمات الحاسوب والهواتف النقالة، بالإضافة للعمال العاملين في المشاغل الصغيرة التي تضم أقل من خمسة عمال، وعمال البناء المياومين، وخدم المنازل ومن في حكمهم، والأهم العمال الزراعيين الموسمين الذين يتعرضون أثناء عملهم لإصابات عمل قد تكون شديدة بسبب ظروف العمل الخاصة بهم مما يتطلب حمايتهم من تلك الإصابات وتعويضهم عنها حتى يستمروا بالحياة بكرامتهم.
لقد تطورت الصناعات والخدمات المرافقة لها تطوراً ملحوظاً خلال العقدين الفائتين، وبالتالي تطلب هذا التوسع بأعداد العمال الموصوفين والعمال العاديين، ولكن لم يجر العمل خلال المراحل السابقة على تشميل معظم هؤلاء بالمظلة التأمينية، وإن تم تسجيلهم فيكون ذلك بالحد الأدنى لأجورهم، والسبب ليس قصوراً بالقوانين التي توجب ذلك، ولكن لأسباب أخرى لها علاقة بالسياسات المتبعة التي كانت تنحاز إلى جانب أرباب العمل على حساب حقوق العمال المكتسبة التي أوجب القانون تحصيلها من خلال المؤسسات الحكومية المختلفة ومنها التأمينات الاجتماعية التي تدلل إحصائياتها على تراجع واضح في أعداد العمال المسجلين لديها من قبل أرباب العمل، وحتى أن الكثير من شركات القطاع العام لا تقوم بتحويل الأموال المقتطعة من أجور العمال كاشتراكات إلى مؤسسة التأمينات الاجتماعية كي تستطيع القيام بالتزاماتها تجاه العمال.
إن التوجه الذي أعلن عنه وزير العمل بأن يشمل مشروع قانون التأمينات الاجتماعية الجديد كل قوة العمل، هو توجه صحيح من حيث المبدأ لأن ذلك إن تم دون عراقيل ومعوقات فسيوسع المظلة التأمينية لتشمل ملايين من العمال، وهذا يعني حمايتهم من المخاطر وتأمين حياتهم المعيشة بشكل لائق عند وصولهم إلى عمر الشيخوخة، حيث هم أحوج ما يكونون للمساعدة من أجل إكمال عمرهم المتبقي وكرامتهم محفوظة من أموالهم التي اقتطعت منهم، هذا إلى جانب أن الاشتراكات ستؤمن موارد حقيقية لمؤسسة التأمينات يمكن استثمارها في مجالات عدة تعود بالفائدة على العمال مثل مشاريع الإسكان، والمشافي، والمدارس، وخلافه.
وأخيراً يمكن القول إن العبرة ليست بالقوانين كما أثبتت التجارب السابقة على أهميتها، ولكن العبرة بتطبيقها بما يحقق مصلحة أصحابها الحقيقيين، وهم العاملون بأجر.