الموقف اليومي

الموقف اليومي

المقصود بالموقف اليومي هو ذلك الموقف الذي يتحدد من حدث ما، أو إحدى جوانبه وانعطافاته، حسب آخر نشرة أخبار استمع إليها صاحب هذا الموقف، أو يأتي كرد فعل انفعالي مباشر على واقعة هنا أو هناك، من جانب هذه الجهة أو تلك.

 الموقف اليومي زئبقي ومائع بطبيعته، وهو يؤسس لسيادة رأي آني في واقع متحرك له أبعاده المختلفة وتشابكاته العديدة، وهنا يكمن مأزقه المعرفي وخطر انعكاساته العملية، ولكنه في الوقت ذاته يتكىء على ما هو أخلاقي ومن ذلك يستمد قوته، ويكوّن مجاله الحيوي.

لاشك أن وسائل الإعلام تساهم في تعقيد المشهد، وخلط الأوراق ولكن بالتأكيد أن «دماً بهذا الوضوح لايحتاج إلى معجم ليفهم»..! 

لقد رافق التطور الدراماتيكي في المشهد العراقي لغطاً في الوسط الإعلامي وعلى لسان مختلف النخب السياسية والثقافية، بعضهم اندهش، وبعضهم وجدها فرصة سانحة ليرفع زعيقه الطائفي إلى مستويات غير مسبوقة، وحاول استثمارها لتأمين مزيد من الالتفاف حوله، وبعضهم حلل بطريقة الموقف اليومي المعهودة وقزمها إلى مجرد صراع على السلطة أو صراع طائفي أو .. أو ...

وأمام كل تعقيد في الموقف جدير بمن يعمل في الحقل الاجتماعي السياسي أو الثقافي أن يستخدم الأدوات المعرفية التي تؤهله للإمساك بالحلقة الأساسية، وأن يكتشف محرك الظاهرة المعنية، ولكن المتايع يلاحظ أن العديد من القراءات المتعلقة بالتأجيج الطائفي في المنطقة بعد التصعيد «التكفيري» تتسم بأنها كسيحة وعرجاء وجزئية ولا تخلو من الابتذال.. فإما أنها تتناسى وتتجاهل البنية الاقتصادية الاجتماعية السياسية السائدة في دول المنطقة القابلة للاختراق بحكم هشاشتها، أو تتناسى وتتجاهل المشروع العام الذي يجري تسويقه في منطقة الشرق، مرة بقوة الـ«إف16»، ومرة من خلال الحرب الإعلامية النفسية، ومرة من خلال الصراعات البينية المفتعلة، ويذهب هؤلاء باتجاه تحميل ثقافة شعوب المنطقة وزر هذا العنف السائد وتبعاته.

المشكلة مع جماعة «الموقف اليومي» في هذا المجال تكمن في أنهم إحدى أدوات التعمية وتعميم الغباء، وبالتالي تشويش الرأي العام.. فهم إما أنهم يبرأون الدراكولا الرأسمالية، أو أنهم يبرأون ذلك النموذج الاقتصادي الليبرالي التابع، والذي تعتبر الجماعات التكفيرية معادله الموضوعي في ظروف بلدان الشرق.