صورة «المارد التكنولوجي» هذه المرة
كما انكشفت الكذبة خلف الصورة المتداولة «للجيش الذي لا يقهر» وتوضحت حقيقته وانحسرت دعايته أمام صمود الشعب الفلسطيني الأسطوري بعد عملية طوفان الأقصى، تنكشف اليوم كذبة المارد التكنولوجي «الإسرائيلي» وتنحسر صورته أمام العالم.
فقد شهدت أحداث الأيام الأخيرة الماضية تحولاً لافتاً في ميدان الصراع الرقمي، وبينت تفاصيل المعركة الجارية قدرة إيران في توظيف نقاط ضعف البنية التحتية في الكيان الصهيوني وإمكانياتها في تحويل أدوات الأمن فيه إلى مصادر استخباراتية فعالة، حيث تحولت كاميرات المراقبة الخاصة المنتشرة في المدن الفلسطينية المحتلة والمستوطنات والمزارع «الإسرائيلية» إلى عيون إضافية ترصد ما يجري في عمق الكيان، وتحولت آلاف الأجهزة لتغذية معلومات خصم يعرف جيداً كيف يستفيد من ثغرات عدوه.
فحسب تصريح للمسؤول السابق في هيئة السايبر «الإسرائيلية» ريفايل فرانكو قال فيه: «إن الإيرانيين اخترقوا كاميرات المراقبة الإسرائيلية ووظفوها لرصد نتائج ضرباتهم وتحسين دقتها أثناء المعركة». بينما أكدت هيئة السايبر «الإسرائيلية» تصاعد «الهجمات على الكاميرات واعتبرتها هدفاً سهلاً جرى توظيفه في المواجهة الدائرة».
القصة وما فيها أن إيران فعلّت خبرات القرصنة والهجمات السيبرانية، وتمكنت من تطوير الإمكانيات اللازمة لرصد نتائج الضربات الصاروخية بدقة عالية، واستفادت من إهمال المستخدمين الصهاينة للإجراءات الأمنية الرقمية الأساسية. فهاجمت الكاميرات المتصلة بالإنترنت، وحصلت على صور مباشرة للبنايات والشوارع والمواقع المستهدفة. شاشة واحدة، واتصال بالإنترنت، كانت كافية لرصد ما يحدث داخل كيان الاحتلال: شوارع تل أبيب، مداخل المنازل، زوايا المحلات، والخوف والقلق الواضح في وجوه المستوطنين. تتدفق البيانات إلى مراكز التحليل وتوفر للأجهزة دقة كبيرة في فهم الواقع الميداني وتقييم الأثر العسكري لأي ضربة.
لم تكشف هذه الظاهرة مدى هشاشة منظومة الأمن السيبراني داخل كيان العدو فقط، والذي طالما تفاخر بها، وانحسار دعاية ريادته في مجالات التكنولوجيا، بل أيضاً إمكانية قلب المعادلة في الحرب المعلوماتية والنفسية، إذ لم يتخيل الصهاينة ولا جيش الاحتلال وقادته يوماً، أن ثمة من يستطيع رصد ما يحدث لحظة بلحظة، ومعرفة ما تخفيه الشاشات الرسمية خلف عناوين الرقابة.
لم يخفف إنفاق «إسرائيل» سنوات طويلة في تطوير صناعاتها الرقمية والترويج لتفوقها في الأمن السيبراني، ومشاركتها في مؤتمرات عالمية لتأكيد هذا الدور حيث تغزو شركاتها الأسواق العالمية بمنتجاتها الرقمية- من حقيقة أن البنية الداخلية تعاني من تراكم ثغرات قديمة وجديدة. حيث صارت الأجهزة الرخيصة، المنتشرة في كل حي وشارع، نقطة ضعف، وفتحت الباب أمام إمكانية الاستفادة من تراكم الأخطاء. فرغم تكرر التحذيرات الرسمية من إمكانية اختراق الكاميرات، إلا أنه لم يتخذ أي إجراءات عملية للمعالجة مما سمح بتحوّل كل كاميرا إلى أداة تجسّس مجانية. إضافة إلى ظهور خصوم يتقنون استخدام الأدوات الرقمية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1231