بين التخبط والوضوح
ثمة تخبط واضح اليوم في سورية، يُظهر نفسه بأشكال مختلفة في مجالات عديدة، خاصة في المؤسسات الحكومية، فحيث لم يجر الإعلان عن برنامج حكومي واضح المعالم يعبر عن رؤية وتوجهات محددة توضع على أساسها خطط وتبين كيفية تنفيذها... إلخ، مما تسبب في مزيد من الارتجال والتجريب من ناحية والغموض وارتكاب المزيد من الأخطاء من ناحية ثانية.
غالباً ما تمتد التأثيرات السلبية لحالة التخبط هذه على المجتمع وقواه. يظهر انعكاس تأثيرها على المجتمع في بعض المجالات بشكل مباشر وواضح، بينما تأخذ مجالات أخرى وقتاً أكثر. ويمكن هنا تعداد الكثير من الأمثلة التي أدرك السوريون وجودها وأعلنوا عن مخاوفهم تجاهها بأشكال مختلفة، منها على سبيل المثال لا الحصر القرارات المرتجلة وغير المدروسة، والفوضى الناجمة عنها، سواء أقرت أو جرى التراجع عنها في بعض الأحيان، ووصل الأمر إلى التناقض مع بعضها البعض في أحيان أخرى.
يضمر الإعلان عن المخاوف في أحد وجوهه عن وجود قضايا غامضة ومشاكل مقلقة تتطلب حلولاً، قد تكون أما جذرية أو مستدامة أو سريعة أو...إلخ، وقد تشترك في أكثر من صفة، كأن تكون حلولاً جذرية وسريعة بالوقت ذاته... تكمن الأهمية هنا في وجود إرادة حقيقية لإيجاد الحلول والسعي باتجاهها.
يدرك السوريون بتجربتهم أن التأجيل والتسويف لا يفاقم حجم المشاكل التي يواجهونها في كل يوم ويزيد من تعقيدها فقط، بل ويرفع ضريبة وتكلفة معالجتها. وغالباً ما يدفع القلق بأصحابه إلى طرح أسئلة محقة: هل يراد لمشاكلنا بقرار محسوم أن تبقى معلقة، وإلى متى؟ ولماذا؟؟ ما الهدف والغاية من وراء ذلك؟ ثمة إجابات سريعة لدى البعض: من مثل: عدم الكفاية ومحاولات كسب الوقت، وإجبار الناس على التعود السلبي المؤدي إلى فقدان الأمل، أو الاستسلام لما يحصل أو تدخل الآخرين في شؤننا وغيرها الكثير من إجابات عديدة ومختلفة والبعض منها قد يكون صحيحاً.
يطرح السوريون أسئلتهم المحقة، ويطلبون إجابات صحيحة وحلولاً لمشاكلهم ومشاكل البلاد التي حلموا ببنائها، وما زالوا يحلمون ويريدون أن يشاركوا في هذا البناء مشاركة فعلية. تتطلب هكذا مشاركة من جميع الأطراف المزيد من الوضوح، في البرامج والرؤى والتصورات...إلخ، وضوح ينهي حالة التخبط، ويعترف بمن يطلب التوضيح ويستحقه، كما يستحق الحصول على إجابة، لتصبح مشاركته في بناء سورية الجديدة فعلية، يتحمل على أساسها المسؤولية أولاً، والمساءلة لاحقاً، كمواطن كامل الحقوق والواجبات.
يستحق السوريون الاعتراف بوجودهم وحقوقهم في بلد يستحقهم ويستحقونه.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1223