ديكتاتورية التهميش والفوضى
إيمان الأحمد إيمان الأحمد

ديكتاتورية التهميش والفوضى

غالباً ما تقاس الأمور بنتائجها، واليوم يتحسس الناس ويعيشون بالملموس ما وصل إليه حالهم وحال البلاد خلال أيام وأسابيع قليلة مرت سريعاً.

تقوم بعض صفحات التواصل بتسجيل حصيلة اليوم من الأعمال الإجرامية التي تحدث في دمشق أو غيرها في بعض المدن. «سرقة واضحة في وضح النهار، وقتل مرتبط بالسرقة، إصـابات قد تصل إلى الموت نتيجة التعـرض لمحاولة سـرقة في الشارع، تخدير سيدة في النهار أثناء وجودها في السوق في دمشق وسرقة مصاغها الذهبي، بلاغات عن سرقة عدة سيارات (وميتورات) في العاصمة، المساعدات تباع على الطريق، خطف أصحاب محلات وطلب فدية بالقطع الصعب وآلاف الدولارات مع ما يلزم من عدة لترهيب أهل المختطف عن طريق إرسال فيديوهات وصور لتعذيبه للضغط على أهله، و...إلخ».
يتساءل الناس محقين في أسباب ذلك بعد فرحتهم التي لم تكتمل بسقوط الديكتاتورية في سورية، حسب تعبيرهم، ورغم حالة الانتعاش والأمل التي أنتجتها حرارة النقاش السياسي العام الجاري في طول البلاد وعرضها، ولكن الناس تتعامل مع الوقائع والتفاصيل اليومية ويبحثون عن الأمان بكل خطوة يخطونها. والأمان الذي يريدونه هنا ليس محصوراً بالمعنى الأمني المباشر فقط، بل الأمان بالمعنى الغذائي والاجتماعي والاقتصادي... إلخ.
يعرف ناس سورية وأهلها حالة «الديكتاتورية» من خلال الفقر والقهر الذي تسبب لهم فيه من كان ينهب خيرات البلاد ويراكم الثروات مع شريحة كبيرة من المنتفعين من أمراء الحرب وتجار الأزمة وحتى الخونة. ويعرفون أنهم كانوا دوماً وقوداً لسارقي اللقمة والكرامة، ومن كان يطبل لانتصارات وهمية بينما كان يزرع الفوضى في كل الميادين الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها من خلال التهميش المستمر في كل جوانب الحياة، واحتمل السوريون ذلك المسلسل الطويل المقيت من امتهان الكرامة ودفعوا دماً غالياً في سبيل التخلص منه، ولذلك من حقهم اليوم أن يتساءلوا من المستفيد من حل بعض أجهزة الدولة وتسريح من فيها، وكيف سيحصلون على الأمان في دولة ليس فيها حتى شرطة مرور. ولماذا جرى إطلاق سراح مرتكبي الجرائم بالمعنى الجنائي، سرقة وقتل وغيرها، دون التمييز بين هؤلاء وبين السجناء السياسيين ممن دفعوا ثمناً غالياً في سبيل أمان السوريين والحفاظ على كرامتهم. ومن المسؤول عن إعادة إنتاج حالة التهميش والفوضى اليوم في مفاصل عديدة من حياتهم وكيف يمكن حل كل هذه المسائل ومعالجتها؟
هناك حاجة ملحة للإجابة عن الأسئلة الكثيرة المحقة التي تطرح اليوم من كل المجتمع السوري فقد دخلت البلاد في «حالة الضرورة، الضرورة البسيطة والقصوى في آن معاً التي تتمثل في معضلة الحياة والموت» حسب تعبير غرامشي، فإما حياة آمنة وكريمة لكل ناسها وشرفائها، وإما انتصار الفوضى والذهاب إلى مزيد من الخراب.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1215