وما زال الكشف مستمراً

وما زال الكشف مستمراً

وضعت الإبادة الجماعية التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني ومناصروه في المنطقة والعالم اليوم الجميع أمام معركة مزدوجة إحداهما مباشرة ضد ما يجري من سياسات أنتجتها الأزمة العميقة للمنظومة الإمبريالية الغربية والثانية ضد الزيف والكذب الذي كان وما زال يقوم بتغطية هذه السياسات.

كشف تحقيق استقصائي أجراه مؤخراً الصحافي ألان ماكلويد في موقع «مِنت برس نيوز»، عن تأثير اللوبي الصهيوني في غرف تحرير الاعلام الأميركي من خلال شبكة واسعة من الموظفين السابقين في منظمات اللوبي الصهيوني مثل «آيباك»، و«كاميرا» CAMERA، وStandWithUs،
وهم يشغلون اليوم مناصب رفيعة في غرف الأخبار الأمريكية وفي وسائل إعلام بارزة منها «إم. إس. إن. بي. سي»، و«سي. إن. إن»، و«فوكس نيوز»، و«نيويورك تايمز»، حيث يقومون بتغطية وإنتاج الأخبار المتعلقة بالحرب على غزة ويسهمون بشكل غير معلن في تشكيل الصورة من منظور منحاز إلى الكيان ويساعدون في «تلميع» صورته وإبعاد الانتباه عن ممارساته الوحشية ضد الفلسطينيين، بما فيها حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي المستمرين ضدهم.

الغرب لن يكون مرجعاً

تأتي أهمية مثل هذه التحقيقات ليس بسبب كشفها عن العلاقة العضوية فقط، والتي تربط بين المؤسسات الاقتصادية والعسكرية والإعلامية ذات المصالح والأهداف المشتركة مهما كانت درجة التنافس بينها، ومهما برعت في ادعاء التزامها بشعارات فخمة كالموضوعية والحيادية والإنسانية، بل من أجل التحرر من وهم شائع منذ عقود حول امتلاك الصحافة الغربية سلطة أخلاقية أو سلطة مهنية وأنها يمكن أن تصبح مرجعاً للصحافة والإعلام في دول الجنوب أو يمكن أن تتحول إلى مرجع ومصدرٍ للمعلومات للباحثين لاحقاً في التاريخ والبحوث الإنسانية.
يؤكد ذلك أحد النماذج المتكررة أثناء التغطية الغربية للحرب على غزة وهو الصحافة المرافقة للجيش، حيث رافق صحافيون «الجيش الإسرائيلي» في غزة وتبنوا روايته، عبر التجهيل والتلاعب بالعناوين والمصطلحات والأرقام وغيرها الكثير، والأهم من هذا كله إسقاط السياق التاريخي الحقيقي للقضية الفلسطينية. فبالنسبة إلى الصحافة الغربية، بدأت القضية الفلسطينية يوم 7 أكتوبر 2023 ومن خلال ذلك جرى إسقاط سياق سياسي وثقافي وتاريخي للقضية الفلسطينية، وسياق دولي وحقوقي أسقطت عبره القانون الدولي وقوانين الأمم المتحدة والتقارير الحقوقية الدولية، القائلة إنّ هناك شعباً يعيش تحت الاحتلال.

خلفياتهم تكشفهم

بالعودة إلى تحقيق ماكلويد فإن التأثير الصهيوني في الإعلام الأمريكي ليس عرضياً، إذ توضح خريطة العاملين في الإعلام المنشورة، والمهام التي يقومون من خلالها بخدمة المؤسسات الصهيونية التأثير الصهيوني بشكل كبير.
تعمل كيلا شتاينبرغ، وهي ناشطة في «آيباك»، منتجة في «إن. بي. سي». وقد شاركت في إنتاج وثائقيات تروّج لصورة إيجابية عن «إسرائيل». أما إيما غوس، وهي منتجة في «إن. بي. سي»، فقد كانت سابقاً عاملة لدى منظمة إسرائيلية تهدف إلى نشر الوعي حول الهوية اليهودية بين الشباب الأمريكي. والكاتبة في «سي. إن. بي. سي»، جيلي مالينسكي، كانت ضابطة سابقة في قوات الاحتلال الإسرائيلية. وتضم «فوكس نيوز»، وشبكة «سي. أن. أن» أيضاً موظفين ذوي خلفيات إسرائيلية أمنية وعسكرية.
تمتد تأثيرات اللوبي الصهيوني لتشمل الصحافة المطبوعة أيضاً، مثل «نيويورك تايمز». ويذكر التحقيق كيف أنّ الصحافيين الذين يعبّرون عن آراء داعمة لفلسطين يواجهون حملات تضييق وإقصاء من المؤسسات الإعلامية الكبرى. فقد كشفت مذكرة داخلية مسربة من «نيويورك تايمز» أنّ إدارة الصحيفة منعت صراحة استخدام مصطلحات مثل «الإبادة الجماعية» و«المذبحة» و«التطهير العرقي» و«مخيم اللاجئين» و«الأراضي المحتلة» وحتى كلمة «فلسطين» في تغطيتها الإخبارية.
كما يوضح التحقيق كيف جرى اعتبار التأييد لإسرائيل أمراً طبيعياً في الدوائر النخبوية الأمريكية، ويؤكد تراجع ثقة الجمهور الأمريكي بوسائل الإعلام، خاصة بعد أن أظهر استطلاع حديث نشره «غالوب» أن نحو 30 في المئة فقط من الأمريكيين يثقون بوسائل الإعلام.
تثبت الوقائع كل الزيف المتراكم لعقود. ويثبت صمود الشعب الفلسطيني وقواه الحية ومقاومته الأسطورية كذب أساطير الإعلام الغربي وزيفها، فما جرى ويجري اليوم يفقأ الأعين ويبدد الأوهام بحقائق واضحة يثبت صدقها أصحاب الحق بدمائهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1202
آخر تعديل على الجمعة, 29 تشرين2/نوفمبر 2024 20:13