جوائز مهرجان «كانّ»: المسابقة الرسمية لم تكن باهرة
انتهت الدورة الـ67 لمهرجان «كانّ» السينمائي مساء أمس الأول الأحد، بينما أُعلنت النتائج النهائية للمسابقة الرسمية مساء السبت الفائت. متابعو الأيام الـ11 لهذه الدورة التقوا عند مسائل عديدة، أبرزها أن التوقّعات المتعلّقة بالأفلام التي يُمكن أن تفوز ظلّت محصورة بعدد قليل من العناوين، وأن الإجماع شبه الكامل على جمال «سبات شتوي» للتركي نوري بيلجي جيلان، كما على إمكانية فوزه بالجائزة الأولى (السعفة الذهبية) كان حاضراً منذ عرضه الأول، وهو عثر على ترجمة له في النتائج التي أعلنتها رئيسة لجنة التحكيم المخرجة النيوزيلندية جين كامبيون.
هناك أيضاً رأي شبه موحّد، مفاده أن المسابقة الرسمية نفسها للدورة الأخيرة هذه لم «تُبهر»، وإن قدّمت أفلاماً بديعة، منها «يومان، ليلة واحدة» للأخوين البلجيكيين جان ـ بيار ولوك داردن، و«وداعاً للّغة» للفرنسي السويسري جان ـ لوك غودار، الذي انتزع جائزة لجنة التحكـيم وإن مناصفـة مع الكـندي كزافييه دولان عن «مامي»، ما دفع نقاداً إلى القول إن هذه الجائزة جمعت جيلين سينمائيين مختلفين تماماً أحدهما عن الآخر، سواء في التجربة السينمائية أو على مستوى العمر، لأن الكندي لا يزال في الـ25 من عمره، بينما بلغ غودار الـ84 عاماً. في جديده هذا، يغوص غودار في تفاصيل العلاقات الإنسانية، عبر لقاء يحدث بين امرأة مـتزوّجة ورجل «حرّ»، يدخل بينهما كلبٌ، قبـل أن يتـدخّل زوج المرأة لينـبني فيـلم ثان يستكـمل الأول على الطريقة الغودارية. لا يختلف النصّ الدرامي لفيلم دولان عن ذاك الذي اشتغله غودار، على مستوى الغوص في العلاقات الإنسانية، المتمثّلة هنا بعلاقة أم ـ ابن. كأن جائزة لجنة التحكيم وجدت في الفيلمين امتداداً ما لتلك الحبكة المعقودة على الانفعال والمشاعر الذاتية، وإن ذهب كل واحد من المخرجين الاثنين في اتّجاه سينمائي مستقلّ بحدّ ذاته.
انتهت التوقّعات. انتهت التمنّيات والترجيحات التي اعتاد نقّاد وصحافيون وإعلاميون الترويج لها منذ مطلع الأسبوع الفائت، أي بعد مرور أيام قليلة على بداية الدورة الـ67 في 14 أيار 2014. الجـائزة الكبرى ذهبت إلى «الروائع» للإيطالية ذات الأصل النمساوي أليتشه رورفاكر (33 عاماً): ريف إيطالي، وعائلة تربّي النـحل، وأب متسلّط، وزوجة وأخـتها وبنات أربع. بـينما نال الأميركي بيـنيت ميلر (مواليـد الـعام 1966) جائزة الإخراج عن «صيّاد الثعالب»، علماً بأن البعض قال فيه إنه الأكثر استحقاقاً للجائزة: قصّة حقيقية عن تاجر أسلحة ثري جداً. لكن، هناك ما هو أبعد من القصّة الحقيقية. هناك ما هو أعمق في قراءة أميركا الممجِّدة للقوّة، وفي معاينة أنماط العلاقات والسلوك بين البشر. أما جائزة السيناريو، فحصل عليها الروسيّ أندره زفياغيتسف عن السيناريو الذي وضعه لفيلمه الأخير «ليفياتان» (كتبه بالتعاون مع أوليـغ نيـغن): عن روسيا الحالية، ومآزقها وأسئلتها المعلّقة. عن واقع آنيّ يدفع باتجاه انتقاد النظام الحاكم.
بالإضافة إلى هذا كلّه، هـناك جائزتا التمـثيل. بالنسبة إلى الممثلات، فازت الأميركية جوليان مور عن دورها في «خرائط إلى النجوم» للكندي ديفيد كروننبرغ (عالم النجوم في هوليوود)، بينما نال البريطاني تيموتي سبال جائزة التمثيل الرجالي عن دوره في «السيّد تيرنر» للإنكليزي مايك لي (مقتـطفات من الأعوام الأخيرة في حياة الفنان التشكيلي البريطـاني جي. أم. دبليو تيـرنر، الذي عاش في العصر الفيكتوري بين العامين 1775 و1851).
من ناحية أخرى، فاز «فتاة الحفلات» للفرنسيين ماري أماشوكيلي وكلير بورجي وسامويل تيس بجائزة «الكاميرا الذهبية» (أفضل أول فيلم طويل): السيدة الستينية لا تزال عاشقة السهر والحفلات، لكن زبائن المحلّ المُقام في مدينة على الحدود الألمانية يتناقص عددهم يوماً بعد يوم. وحده ميشال يستمر في زيارتها، وفي بثّ لواعجه تجاهها، قبل أن يطلبها للزواج.
المصدر: السفير