أنواع المادية التاريخية!
في هذا العالم الذي يشتعل بالأزمات الرأسمالية، لا يزال صوت البعض من مهزومي القرن الماضي يسمم بعض الساحات الإعلامية.
وفي بريطانيا تحديداً التي كفت عن الوجود كإمبراطورية، وكفت عن الوجود كدولة صناعية، وغرقت هي الأخرى في أزمات من العيار الثقيل قبل البريكسيت وبعدها، والتي تقف اليوم على صفيح يسخن بالتدريج خلال الأشهر الأخيرة. تنشط بعض المؤسسات التي تصنف نفسها «ماركسية». ولكن هل هي كذلك حقاً؟
إحدى هذه المؤسسات هي مجلة «المادية التاريخية» التي تعرف نفسها بالكلمات التالية: «مجلة متعددة التخصصات مكرسة لاستكشاف وتطوير الإمكانات النقدية والتفسيرية للنظرية الماركسية. بدأت المجلة كمشروع في كلية لندن للاقتصاد من 1995 إلى 1998. تتألف هيئة التحرير الاستشارية من العديد من الماركسيين البارزين. وتقف مجلة المادية التاريخية غير المثقلة بالأعباء الأيديولوجية لما قبل عام 1989 على حافة تيار فكري نابض بالحياة وتنشر جيلاً جديداً من المفكرين والعلماء الماركسيين».
ما الذي قصده القائمون على المجلة بجملة «المادية التاريخية غير المثقلة بالأعباء الأيديولوجية». وهل هناك مادية تاريخية غير أيديولوجية مثلاً؟ أم هناك أنواع للمادية التاريخية: سوفييتية ولندنية؟ كما يفهم من تعريف المجلة!
ربما كان هذا الكلام «البضاعة» يجري تسويقه بسهولة في العام 1995. لكم كيف سيجري تسويقه اليوم والعمال يصعدون من حركتهم في بريطانيا.
نشرت المجلة في العدد الأخير مقالاً هجومياً ضد «ستالين». وبالتالي ضد النموذج الذي ناضل ستالين لبنائه وحمايته، وضد ما ناضل ماركس من أجله. وحاول كاتب المقال وضع لينين في مواجهة ستالين، في رواية قديمة جداً سيخفت صوتها مع اشتداد الأزمات وتصاعد الحركات العمالية.
نفهم من هذا المقال فقط إلى أية مادية تاريخية غير أيديولوجية يدعون إليها في المجلة وفي كلية لندن للاقتصاد التي تدعم المجلة. بالـتأكيد فهؤلاء من مدّعي الحياد الأيديولوجي يدعون إلى صف الكلمات التي تشوش النضال الحالي في سبيل الاشتراكية. وهم أيديولوجيون حتى العظم في هذه المسألة، وفي نفس الوقت يريدون تجريد الطبقة العاملة من سلاحي التنظيم والمعرفة. ولكن صوت عمال لندن أعلى من صوت أموال كلية لندن في هذه اللحظات. وبكلمة أخرى: لا توجد سوى مادية تاريخية واحدة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1117