ما وراء المشهد!
إيمان الأحمد إيمان الأحمد

ما وراء المشهد!

تتصدر أخبار الزلازل والوقائع المرتبطة بها هذه الأيام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي. يتقصى الكثير من الناس المعلومات على محركات البحث آملين الحصول على حقائق تساعدهم في معرفة ما يحدث، في محاولة لاستيعاب الكارثة الهائلة والتعامل مع وقائعها ونتائجها.

لا يستطيع أحد أن ينكر الدور الهام لوسائل الإعلام في تشكيل وتوجيه معاييرنا وقيمنا وتوقعاتنا وسلوكنا، مستخدمة العديد من الأساليب المؤثرة والموجهة للأفكار اللاواعية واللا شعورية عند الإنسان. وإذا كان هذا في الأوقات والأوضاع الطبيعية، فإن أهمية هذا الدور تتضاعف في أوقات الأزمات والكوارث الكبرى.

والمشكلة هنا لا تكمن في قلة الأخبار والتفاصيل الواردة سواء من المناطق المتضررة أو من أصحاب الشأن من السياسيين والعلماء والمحللين وغيرهم، بل على العكس تماماً، تكمن المشكلة في الكم الهائل من المعلومات والتفاصيل المتدفقة، والتي تسببت في كثير من الأحيان بالتشويش وخلق البلبلة في أذهان الناس بدلاً من إفادتهم.

لا يخفى على أحد مشاعر الصدمة والخوف والقلق التي أصابت الناس بعد الزلزال المروع في المنطقة وما تلاها في مناطق أخرى مختلفة من العالم، والتي أثرت عليهم بشكل كبير، وهذا شيء طبيعي، ولكن المشكلة عندما تتدفق أخبار وتحليلات هائلة ومتنوعة، وفي بعض الأحيان تكون متناقضة، لتسبب نوعاً من التشتت والتشويش في أذهان الناس، خاصة أن هؤلاء يعانون من ذلك سلفاً، مما يؤدي إلى نتائج سلبية كبيرة، فتنشأ حالة من الاضطراب النفسي، والذي يمكن أن يكون جماعياً. فقد وصل الأمر إلى نوم الناس في الشوارع ليلة كاملة نتيجة معلومات قدمها أحد «العلماء» للإعلام!

يهتم الإعلام غالباً بجانب الإثارة التي تجذب الجماهير، ولكن تصل المبالغة في ذلك أحياناً إلى نشر الفوضى بلغة الإثارة. فيقوم بتوجيه عقل المتلقي من خلال استهدافه بمختلف الأشكال، كالترويج لمعلومات غير مؤكدة أو غير علمية، والتشويش على صحة قناعاته وأفكاره، والتأثير عليها، واستنزاف قدرات الناس النفسية وتشتيت انتباهها.

يؤدي التشويش الذهني، إلى صعوبة في التركيز والنوم، وعدم القدرة على إيقاف الأفكار أو السيطرة عليها، وتقلبات مفاجئة في العاطفة والمزاج وعدم القدرة على الاسترخاء وأحياناً نسيان ما هي المهمة أثناء تنفيذها، واهتزاز الحياة اليومية التي تبنى في هذه الحالة على الافتراضات والانطباعات المسبقة. هذه المشاعر تؤثر في نوع وشكل الاستجابة للموقف وطريقة التعامل معه، متأثرة بالانفعال، بدلاً من الاستناد إلى الوعي المعرفي.

تحتاج كارثة الزلزال، مثل غيرها من الكوارث إلى الكثير من الوقت والصبر للتعامل معها، ويحتاج الإنسان اليوم إلى مخزون حكمته، ورفع الروح المعنوية، وإلى الكثير من المشاعر الإيجابية بعيداً عن مشاعر اليأس والتهويل والتفكير السلبي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1111