ما لا يعرفه محبو كرة القدم عن المونديال
تايه الجمعة تايه الجمعة

ما لا يعرفه محبو كرة القدم عن المونديال

قصة بطولة المونديال ليست كما تبدو عليه على الشاشة، أي التسلية التي يقوم فيها فريقان من 11 لاعباً عبر مطاردة كرة القدم حول الملعب، وإهانة الفريقين لبعضهما البعض ولحكام المباراة، وارتكاب الأخطاء التكتيكية والتظاهر بالإصابة بلا خجل. وفي نهاية اليوم، كل شيء يبدو ممتعاً ونظيفاً!

ولكن، بالإضافة إلى كرة القدم، هناك جهاز ومؤسسة واسعة تقوم بترتيب الأمور، بحيث يلتقي هذان الفريقان تحت أنظار العالم بأسره. يُعرف جهاز البطولة بأنه نظام فساد كبير للغاية، ومع قطر 2022، يبدو أن العالم قد وصل إلى ذروة فساد كرة القدم.
تبدأ القصة في عامي 2009 و2010، وفي ذلك الوقت، اجتمع الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) للنظر في العطاءات المختلفة لاستضافة بطولات المستقبل. بعد عملية اتسمت بالسرور المعتاد والكسب غير المشروع (كل عمليات المزايدة على البطولات منذ فرنسا 1998 معروفة جيداً بأنها مليئة بالرشوة). ولا شك أن مثل هذا الغش له تاريخ أطول بكثير في الواقع.
ما هو اهتمام القطريين بمزايدات المونديال؟ قطر دولة يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين تقريباً. ومنهم 90٪ من المغتربين والعمال المهاجرين، الذين يفتقرون إلى حقوق المواطنة.
يبدو كأس العالم مثل الغسيل الرياضي للأموال. فقد كلف تحضير هذا العرض للنظام القطري 250 مليار دولار: وهذا أكثر من كل بطولة كأس عالم أخرى وكل دورة ألعاب أولمبية صيفية حديثة مجتمعة.
تمت إعادة بناء المنتخب الوطني بشكل أساسي من الصفر، وفاز بكأس آسيا في المرة الأخيرة. كما ذهبت الأموال إلى الملاعب ومراكز التدريب، ولكن جميع أجزاء البنية التحتية الأخرى مفقودة بشكل واضح مثل الفنادق الكافية، ففي هذا البلد من الصعب للغاية العثور على سكن.
الغالبية العظمى من الناس في البلاد هم من المهاجرين، من النخبة المالية وخبراء البتروكيماويات، المعينين إلى حد كبير من الدول الغربية، إلى خدم المنازل، وعادة ما يتم استيرادهم من الفلبين. أما عمال البناء، فإنهم ينحدرون عادة من شبه القارة الهندية والبلدان العربية. إنهم يعملون في ظل نظام الكفالة، الذي ورثته دول الخليج عن البريطانيين منذ سنوات عديدة، والذي يجعل العمال المهاجرين يعتمدون على كفيل معين من بين المواطنين. هذا نظام عمل شبه عبودي، فعند الوصول إلى قطر عادةً تتم مصادرة جواز سفر العامل ويكون تحت رحمة الكفيل تماماً.
ظروف العمل بالنسبة لعمال الملاعب سيئة جداً. لقد قتل العشرات في حوادث العمل. وحدثت العديد من الإضرابات خلال السنوات التي جرى فيها بناء الملاعب. ولا يعرف عدد الذين قتلوا بسبب حوادث العمل من العمال المهاجرين. وتتحدث بعض التقارير عن مقتل 200 عامل وإصابة عدد كبير. وكانت الفيفا والسلطة القطرية تمنعان حساب العدد الفعلي للضحايا أو تعويضهم.
في الواقع، هل كان الغسيل الرياضي للأموال ناجحاً؟ كل هذه الأموال التي تم إلقاؤها في هذا المخيم المؤقت ستكون فائضة تماماً عن المتطلبات في غضون شهرين! ولن تشمل استثمارات القطريين الأخرى في اللعبة مثل ملكيتهم لباريس سان جيرمان ورياضات الشرق واحتكار البث. ما الذي استفادوا منه؟ المال، ربما سيكون ربحاً أقل بشكل عام مما أنفقوه على لاعبي كرة القدم المشهورين مثل نيمار وليو ميسي في باريس سان جيرمان. بغض النظر عن ذلك، فإن النتيجة النهائية هي أن قطر مثال لجميع عيوب الأنظمة الخليجية بالكامل.
مؤسسة كأس العالم الخفية تقرر أين سينظم المونديال، ومن سيحصل على توزيع المكاسب غير المشروعة، مع وجود بيروقراطي آخر من الدرجة الثانية في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم على استعداد لإزالة الأوساخ من السجلات. أصبحت هذه البيروقراطية العالمية ضرورية من أجل المبلغ الهائل للأموال التي تدور في المونديال عالمياً.
يتم تحفيز هؤلاء البيروقراطيين على تنمية الفطيرة التي يسرقون منها قسماً من القشرة، وكلما كان المنتج مشهوراً ومدهشاً، زاد المال أكثر، ثم كلّما كان المشهد أكثر دهشة، زاد المال أكثر، وزادت صفقات الرعاية المربحة. هكذا يرى هؤلاء الناس دورهم. هذه هي الأعمال التي تثير شهيتهم.
تعتمد الفيفا على مركزية هرم البيروقراطيات الفاسدة برمته. يحدث هذا النوع من العنف لكرامة الرياضة كل يوم، من النجوم وصولاً إلى الاتحادات الوطنية (التي تتكون إلى حد كبير من مالكي النوادي الذين يقومون بواجبهم الطفيلي من المنزل).
ولكن يجب إعادة بناء الرياضة وفقاً لمصالح المشجعين لا الرأسماليين، وفقاً لمصالح عمال الملاعب أيضاً، بدلاً من اللصوص والطغاة وعمالقة الملابس الرياضية والدعايات التجارية والفقاعات المالية الذين يديرون الأشياء اليوم.
بكلمة أخرى، فالفساد والاستغلال الوحشي للعمال والمهاجرين والنفاق والرشوة والصفقات السوداء، هي عناوين رئيسية لمونديال قطر 2022.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1097