كولومبيا والمكسيك تودعان «دون كيشوت» أميركا اللاتينية
كانت مكسيكو سيتي يوم الاثنين 21/4/2014 مسرحاً «أسطورياً» لمراسم تكريم رسمية أولى للأديب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز الذي توفي الخميس عن 87 عاماً في حضور عائلته ورئيسا كولومبيا والمكسيك (البلد الذي اختاره مقراً له).
وفي قصر الفنون الجميلة وضع وعاء أحمر قان يحوي رماد الكاتب الشهير على منصة نثر عليها الورد الأصفر، فيما مر آلاف الأشخاص على مدى أكثر من أربع ساعات أمامه.
وقال الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس: «المجد الأبدي للشخص الذي أعطانا مجداً كبيراً».
وأضاف سانتوس الذي بدا عليه التأثر أن كولومبيا والمكسيك «تتحدان لتكريم الشخص الذي لفت انتباه العالم في يوم من أيام كانون الأول (ديسمبر) 1982 من ستوكهولم المصقعة، عندما تكلم عن عزلة أميركا اللاتينية».
وحيا الرئيس المكسيكي إنريكه بينيا نييتو بعد ذلك «أكبر روائي في أميركا اللاتينية في كل الأزمنة»، وأشار إلى أن المكسيك «هي موطن غابرييل غارسيا ماركيز الثاني» موضحاً أن «غابو كما كان يسمى تحبباً وضع الأدب الأميركي اللاتينية في مقدمة الأدب العالمي».
وكان آلاف المعجبين بالكاتب مروا أمام الإناء الجنائزي على أنغام رباعي كان يعزف مقطوعات لبارتوك وبيتهوفن. ومن وقت إلى آخر كانت فرقة صغيرة لموسيقى الكومبيا وفايناتو من ساحل كولومبيا تتولى العزف، ما دفع جزء من الحضور إلى الوقوف والرقص قليلاً.
وكان رماد الكاتب نقل إلى قصر الفنون الجميلة الرائع في وسط العاصمة المكسيكية من قبل أرملته ميرسيدس بارتشا وأبنائه وأحفاده الذين ارتدوا الأسود ووقفوا حول الإناء أيضاً.
وبين الجموع التي أتت لإلقاء تحية أخيرة، حمل كثيرون زهرة صفراء كان يعتبر الكاتب أنها تحميه من سوء الطالع. وخلال فترة الانتظار الطويلة كان قراء يتناوبون أمام مذياع في القصر لقراءة مقتطفات من رواية «مئة عام من العزلة» تحفته الأشهر.
وكان غارسيا ماركيز يعتبر المكسيك بلده الثاني، إذ وجد فيها الاستقرار من أجل كتابة الجزء الأكبر من نتاجه الأدبي.
وفي بلده الأم تحضر السلطات الكولومبية مراسم تكريم له أيضاً. إذ يشارك الرئيس سانتوس، الثلاثاء 22/4/2014، في مراسم رسمية في كاتدرائية بوغوتا، وستعزف الأوركسترا السمفونية الوطنية القدس الجنائزي لموزار.
وفي اليوم العالمي للكتاب الذي يوافق الأربعاء، قررت الحكومة الكولومبية قراءة رواية «لا رسالة للكولونيل» (1961) في أكثر من ألف مكتبة عامة ومتنزه ومدرسة. وسيعطي الرئيس الكولومبي إشارة البدء بالقراءة شخصياً.
وتنتظر كولومبيا قرار العائلة بشأن المكان الذي سيوضع فيه رماد غارسيا ماركيز، ويتم تقاسمه بين المكسيك وكولومبيا وربما في مسقط رأسه أراكاتاكا.
ورغم كتابته موضوعات صحفية ومقالات وقصص قصيرة في الخمسينات ومطلع الستينات إلا انه لم يعرف طريق الشهرة إلا بعد رواية "مئة عام من العزلة" التي نشرت في 1967. وأطلق عليه المؤلف المكسيكي الراحل كارلوس فوينتس لقب "دون كيشوت أميركا اللاتينية".
ويعتبر الكاتب الكولومبي، الذي بدأ عمله مراسلا صحافيا، واحداً من الكتّاب الأكثر تأثيراً في جيله، وقدّم مساهمة كبرى في إغناء فن السرد الروائي في العالم ويعد من أشهر كتاب الواقعية العجائبية او السحرية.
وأحيا ماركيز، سحر أميركا اللاتينية وتناقضاتها المجنونة في أذهان الملايين، وأصبح رائداً للواقعية السحرية وأحد المدافعين الرئيسيين عنها.
وماركيز أحد المدافعين الرئيسيين عن الواقعية السحرية وهو أسلوب أدبي قال إنه أسلوب يجمع بين "الأسطورة والسحر وغيرها من الظواهر الخارقة للعادة".