عودة الابن الضال
«إن هذه الرحم الأرضية تعرف بدقة قيمة كل من أبنائها، وكلما سمت الروح التي صنعتها صعبت الوصايا التي تفرضها عليها: إنقاذ نفسها أو شعبها أو العالم. إن مرتبة روح الإنسان تتحدد بأي من هذه الوصايا تلتزم، الأولى أم الثانية أم الثالثة. ومن الطبيعي أن يرى كل إنسان هذا الارتقاء، الإرتقاء الذي تكون روحه ملزمةً بالقيام به، محفوراً بعمق أكبر على الأرض التي ولد فيها. إن هناك تعاقداً وتفاهماً غامضين بين هذه الأرض التي صنعتنا وبين أرواحنا
وتماماً كما ترسل الجذور أمراً سرياً إلى الشجرة لكي تزهر وتحمل الثمار بحيث تجد هذه الجذور مبرر وجودها وتصل إلى الهدف من رحلتها، كذلك فان أرض الأسلاف، بالطريقة ذاتها، تفرض وصايا صعبة على الأرواح التي ولدتها. ويبدو أن الأرض والروح مصنوعتان من المادة ذاتها، وتقومان بالهجوم ذاته. والروح الإنسانية هي التي تحقق الانتصار الأكمل. أن ترفض دائماً التنكر لشبابك، حتى أقصى مراحل شيخوختك، وأن تصارع طوال حياتك لتحويل أزهار نضجك إلى شجرة محملة بالثمار، فهذا كما أعتقد هو الطريق الوحيد للإنسان المتحقق».
من كتاب كازانتزاكس «تقرير إلى غريكو».