متى ينقلب السحر على الساحر؟
إذا عدنا إلى أحاديث وسائل الإعلام الأمريكية نفسها عن حالة الأوضاع الداخلية الأمريكية في الخريف الماضي «سترايكتوبر وسترايكفمبر»، تبدو بوضوح تلك الدرجة الحرجة التي وصلت إليها الأزمة الأمريكية.
وكانت أكبر الصحف والمجلات تتخوف من اندلاع حركة عمالية كبيرة في البلاد بداية عام 2022 أو حدوث شيء أكبر من تفاعلات الأزمة الأمريكية. وعلى رأسها المجلات الناطقة باسم الرأسماليين الأمريكيين أنفسهم مثل مجلة إنداستري ويك وصحيفة واشنطن بوست.
وتبع ذلك لهاث أمريكي شديد لتفجير أزمات جديدة خارج حدودها، وباستعجال أكثر مما في السابق وبدرجة أعلى، وهكذا جاءت المحاولة الكازاخية والأوكرانية أمريكياً.
ولكن يبدو أن الساعة الزمنية الأمريكية متوقفة منذ خمسينات القرن الماضي عندما كانت تعمل وفق نظرية حافة الهاوية. وكان فوستر دالس صاحب التوجيهات السياسية الأمريكية المعروفة باسم «حافة الهاوية» يجبر الخصم للذهاب إلى تلك الحافة أثناء توتير البلدان أو محاولة غزوها. وبمجرد خوف الخصم الذهاب إلى تلك الحافة، كان ذلك يعني أن الأمريكيين كسبوا جولة ضده. وقال فوستر دالس حول حافة الهاوية «من يخاف الذهاب إلى حافة الهاوية يعتبر بحكم المنتهي». واحترف الأمريكيون هذه اللعبة على مدى عقود، متلاعبين بمصير الشعوب والبلدان.
ويبدو أن هذه السياسات عملت فترة من الزمن، وخاصة عندما كانت الظروف في صالح الولايات المتحدة. أما اليوم فلها قصة أخرى. فحافة الهاوية اليوم إذا لم تسقط، ستنقلب على أصحابها كما يبدو من ارتدادات السياسة الأمريكية على أمريكا نفسها، وعلى البلدان الأوروبية أيضاً.
وهكذا نقلت وسائل الإعلام العالمية أخبار بدء المظاهرات ضد الغلاء وارتفاع الأسعار في إسبانيا واحتجاجات المزارعين في اليونان على وقع العقوبات. وعادت الاحتجاجات القديمة في فرنسا. وعند إلقاء نظرة على ما يحدث في الشارع الأمريكي حالياً، نجد لهاثاً أمريكياً آخر لصناعة الحركات الوهمية وتوجيهها نحو مكان آخر بالتوازي مع ما كان يجري في كازاخستان ومع ما يجري في أوكرانيا. وهذا أول الغيث قبل العاصفة الكبرى.
وخاف الأمريكيون أنفسهم هذه المرة الذهاب إلى حافة الهاوية التي صنعوها، فخسروا سياسياً في الواقع، وانكروا هذه الخسارة عبر السيل الهائل من التدفقات الإعلامية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1062