الثورة السورية الكبرى والشعب الفلسطيني
ما هو تأثير الثورة السورية الكبرى على نضال الشعب الفلسطيني ضد الاستعمار والصهيونية؟ وحسب العديد من الشهادات التاريخية القيمة، فإن الثورة التي قادها سلطان باشا الأطرش ضد الاستعمار الفرنسي 1925-1927 قد مارست تأثيراً عظيماً على فلسطين.
إذ شكل الفلسطينيون لجنة في حيفا لإرسال المال والسلاح والمتطوعين إلى صفوف الثورة. واحتلت أخبار الثورة الصفحات الأولى للصحف والجرائد الفلسطينية مثل الاتحاد العربي والجامعة العربية وفلسطين واليرموك والمنبه والجزيرة ومجلة حيفا. وشارك العديد من أبناء الشعب الفلسطيني في معارك الثورة السورية الكبرى. وكانت فلسطين أو سورية الجنوبية تشهد مظاهرات التضامن مع سورية الشمالية. وتوجد العديد من الشهادات التاريخية التي توثق هذا التأثير.
شهادة عبد الرحمن الشهبندر
يقول الدكتور عبد الرحمن الشهبندر في كتابه «الثورية السورية الوطنية» القاهرة 1936 ص 149-152:
إن كل خلاصة موجزة لمثل تاريخ هذه الثورة لا تلتفت إلى العامل الاقتصادي تكون ضرباً من الأقاصيص والأوهام، فتراجع سورية في عهدها الجديد إلى الوراء في منتوجها ومحصولها وصادرها وواردها وقيمة نقدها ودولاب صناعتها بل عدد سكانها لكثرة الهجرة وقلة المواليد. كل ذلك له الشأن الأساسي في تزايد النفرة من الحكومة المسؤولة ودس صفائح الديناميت تحت أركان هيكلها.
أن الضائقة الاقتصادية في أسوأ معانيها نبهت في الشعب الشغف إلى الحرية. بالإضافة إلى الظلم والإهانات والتعسف الاستعماري مع أبناء الشعب السوري في كل مكان، وفرض الضرائب ونهب الناس وتوتير البلاد عموماً على يد المستعمرين ونهب المصارف لمقدرات البلاد. ويرى الشهبندر أن الثورات والحركات الشعبية السابقة تمرين كبير للثورة الكبرى، وخاصة المظاهرات الكثيرة في دمشق في النصف الأول من عام 1925 مثل مظاهرات دمشق ضد زيارة بلفور 1925.
شهادة سلامة عبيد
كتب المؤرخ سلامة عبيد عن بذور الثورة الوطنية السورية، عن الأسباب السياسية الداخلية والخارجية والأسباب الاقتصادية الاجتماعية للثورة في كتابه «الثورة السورية الكبرى على ضوء وثائق لم تنشر 1971» ص 5-65، ومن هذه الأسباب:
رفض الشعب السوري للانتداب الفرنسي والحكم العسكري وشعور السوريين أن الانتداب مساو للاحتلال. وكانت الاحتجاجات ضد زيارة بلفور الصهيوني إلى دمشق في نيسان 1925 شرارة من شرارات الثورة. بالإضافة إلى رفض الشعب السوري لتقسيم سورية بعد معركة ميسلون.
شهادات الصحف الفلسطينية
وفي مدينة يافا، اعترفت جريدة الجزيرة أن الثورة السورية لها تأثير على صعيد نشوء حركة الاحتجاج ضد السياسة الإنكليزية الصهيونية في فلسطين. وكتبت أيضاً: وقد أصبح من أكثر المشجعات لمثل هذه الثورات تلك الحوادث القريبة العهد التي حدثت في مصر والعراق، فإنها دلت الشرقيين عموماً والعرب خصوصاً على أن الدول الأوروبية لا تفهم سوى هذه اللغة. وأن هذه الثورة موجهة ضد السياسة الاستعمارية لا ضد الأوروبيين. كما نشرت الجريدة أخبار الثورة السورية. ورفضت السياسات الاستعمارية القائمة على تفريق السكان. وكانت تعتبر فلسطين ولبنان أجزاء من سورية.
«حول الثورة السورية، عقلية الاستعمار، هل تستفيد فلسطين من هذه الثورة. جريدة الجزيرة العدد 161 تاريخ 19 تشرين الثاني 1925. شنشنة الاستعمار. جريدة الجزيرة العدد 163 تاريخ 23 تشرين الثاني 1925. الحالة في سورية، لماذا لم يتم الصلح؟ تخبط الفرنسيين في حل المشكلة السورية. جريدة الجزيرة العدد 174 تاريخ 18 كانون الثاني 1926. أنباء الثورة، تفاصيل معركة 20 يوليو الكبرى. جريدة الجزيرة العدد 211 تاريخ 5 آب 1926. الثوار يهاجمون السلطة داخل دمشق، جريدة الجزيرة العدد 216 تاريخ 9 أيلول 1926».
وكتبت جريدة اليرموك التي صدرت في مدينة حيفا في تشرين الثاني 1925 بعنوان «إضراب مدن فلسطين»:
على أن مصائب سورية الحاضرة قد أشجت نفوس الفلسطينيين فضموها إلى مصيبتهم بوعد بلفور وأضربوا يوم 2 نوفمبر احتجاجاً على هذا الوعد المشؤوم وحداداً على سورية الشمالية، فأضربت يافا وغزة وطولكرم والقدس ونابلس وجنين والقسم الأعظم في حيفا. ولو لم يكن الناس في فلسطين مهتمين بمواساة إخواننا الدمشقيين والحمويين لاصفرّت جميع شوارع مدن فلسطين وقراها كافة. وتلقينا من مكاتبنا في غزة البرقية التالية: أضربت غزة حداداً على وعد بلفور. وتلقينا من الطلبة الفلسطينيين في بيروت البرقية التالية: نشارك الأمة في حدادها وأبرقنا للمندوب احتجاجاً.
«إضراب مدن فلسطين، جريدة اليرموك العدد 102 تاريخ 5 تشرين الثاني 1925».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1061