صفيح ساخن كالبركان خلف الضباب الإعلامي
خلف الضباب الإعلامي لما يجري في أوكرانيا، وخلف السيل الهائل من الافتراءات والمستوى المرتفع لأداء الحرب الإعلامية أمريكيّاً، تتحرك صفائح ساخنة تنذر بانفجارات من الوزن الثقيل، انفجارات لم يعد بمقدور وسائل الإعلام تغطيتها كما في السابق.
الإنكليز صاروا يشبهون بلدان العالم الثالث في شكل الأزمات التي ضربتهم في الفترة الأخيرة: أزمة الوقود، أزمة الصيد البحري، انتشار الأطفال الجائعين، أزمة الأجور، الأزمة الصحية... إلخ.
سلوك الأمريكيين الأخير ولهاثهم الكبير في تفجير المزيد من الأزمات ومحاولة إشعال المزيد من الحروب خلال فترة قصيرة، بالإضافة إلى ما يجري في الداخل الأمريكي الذي شهد أكبر موجة إضرابات عمّالية منذ عقود في الخريف الماضي يدلنا على مستوى الحرج في الأزمة المتطورة عندهم.
في كوريا الجنوبية التي تعيش تصاعداً في الحركة العمالية منذ عام كامل وصلت إلى درجة مطالبة الكوريين الجنوبيين بالتأميمات والمشاركة العمالية في صنع القرار وحدوث أكبر إضراب في تاريخ كوريا الجنوبية يدل أيضاً على مستوى الأزمة عندهم. ولكن إذا ما حدث خرق ما للبنية السياسية والاقتصادية في كوريا الجنوبية «البنية الـتي كرّسها الأمريكيون بعد الحرب الكورية في خمسينات القرن الماضي»، قد نشهد أفغانستان ثانية من ناحية الانسحاب الأمريكي. أي إن الأمريكيين أصبحوا بين نارين: نار الأزمة الأمريكية ونيران أزمات البلدان الأخرى في وقت واحد. ونضيف إلى ذلك ما حدث في الهند قبل أشهر، وما حدث في كازاخستان، وما يمكن أن يحدث في البلدان الرئيسية والطرفية في الاتحاد الأوروبي في قادم الأيام. سنكون أمام صورة فريدة تزداد فرادة مع كل حدث في الفترة الأخيرة: وزن الأمريكيين العالمي ينخفض بشكل كبير، ومستقبل الاحتلال الصهيوني على المحك، العالم القديم يزداد موتاً، ضرورات التغيير تدق الأبواب.
وكشفت أحداث الأيام القليلة الماضية هشاشة اليسار الرسمي، فالذي كان حزباً أحمر كما يبدو أو يدّعي، أصبح في الموضوع الأوكراني الحزب الأزرق الذي ينافس الزرق الأصليين في المواقف الزرقاء. وهذه الأيام القليلة كانت مهمة لدرجة أنها وضعت أحزاباً فات أوانها في نفس المستوى الذي انحدرت إليه أحزاب الأممية الثانية في بداية الحرب العالمية الأولى. وهكذا فدروس حركة التاريخ قاسية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1059