ثورة العبيد السوريين في صقلية
كان تمرد العبيد في صقلية أول مظهر ملموس لتفاقم خطورة صراع الطبقات في الدولة الرومانية. في صقلية التي أصبحت منذ ذلك الحين وصاعداً مقاطعة رومانية خاضعة لحاكم روماني، كان كبار ملاكي الأراضي يملكون عزبات واسعة «لاتيفونديات» حيث يكدّ ويشقى آلاف من العبيد. وانفجر التمرد في مزارع دامفيلوس أحد كبار الملّاكين الذي كان يتميز بقساوة كبيرة. وقد قتل الأرقاء دامفيلوس وأحرقت عزبته وداره.
وكانت تلك إشارة تمرد جماهير الأرقاء في صقلية. إن عزبة إينا التي سقطت في أيدي المتمردين، أصبحت مركزاً للانتفاضة التي قادها العبد الرقيق أونوس، وهو سوري الأصل. وما لبث أن ظهر مركز آخر للتمرد، وذلك في آغريجانتي حيث كان يقود المتمردين راعٍ هو كليون الصقلي. إن السادة الذين انتابهم الذعر الشديد، كانوا يأملون في البدء أن تسبب الخلافات نزاعاً بين قائدي الحركة. لكنّ مركزي التمرد توحّدا وانصهرا، وسيطر الأرقّاء على كامل أرض الجزيرة تقريباً.
ونظراً لأن أغلبية المتمردين كانوا سوريين، فقد أعلنوا عن إنشاء مملكة سورية جديدة أصبح أونوس ملكاً عليهم باسم: أنطيوخوس.
وهزم المتمردون مراراً عديدة القوات العسكرية الرومانية في صقلية، بحيث اضطرت روما إلى إرسال جيش بقيادة قنصلها. لكن القتال استمر طوال أربع سنوات على الأقل (من العام 136 ق.م إلى العام 132 ق.م) إلى أن سحق في النهاية بلا رحمة. وبعد ذلك بثلاثين عاماً (104-99 ق.م) عادت صقلية مجدداً مسرحاً لتمرد الأرقاء وأصبحت الجزيرة على إثره مرة أخرى ولزمن طويل في أيديهم. وفي هذه المرة أيضاً لم يستطع الرومان سحق الحركة إلا بإرسالهم إلى صقلية عدداً كبيراً من الفرق العسكرية.
في حين كان يجري في صقلية أول تحرك تمرّدي للأرقاء، كانت تشتد في روما بالذات حركة ديمقراطية واسعة مرتبطة باسم الشقيقين غراشوس التي عرفت في التاريخ باسم تمرد الغراك. وهو تمرد العامة الأحرار وانتخب طيباريوس غراشوس محامياً شعبياً عام 133 ق.م وقدم مشروع قانون زراعي ينص على توزيع أراضٍ زراعية على العائلات الفقيرة التي لا تملك الأرض.
وفي عام 73 ق.م اشتعلت انتفاضة العبيد الشهيرة بقيادة سبارتاكوس التي أعدها 200 من العبيد المحاربين في مدرسة المصارعين وانتخبوا سبارتاكوس قائداً لهم. وبلغ تعداد جيش العبيد 120 ألفاً. ولم يستطع الرومان سحق الثورة إلا في عام 71 ق.م. وبينت الانتفاضة حدة التناقضات بين الطبقتين الأساسيتين للمجتمع الروماني.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1055