طبقات الأمم /1/
محمد عادل الملا محمد عادل الملا

طبقات الأمم /1/

صاعد الأندلسي هو أبو القاسم صاعد بن أحمد المعروف بصاعد الأندلسي أو القاضي. ولد في المرية سنة 1029. درس في قرطبة، وأكملها طليطلة عاصمة بني ذي النون. والمصدر التي تحدثت عنه لا تعطينا كعادتها فكرة واضحة عن طفولته. وكل ما نعرفه هو ما جاء في كتاب «طبقات الأمم» إنه طاف البلاد الأندلسية في سن شبابه طلباً للعلم. وتفيد بعض المصادر الأندلسية أن كان تلميذ ابن حزم.

يذكر في كتابه «طبقات الأمم» أنه ذهب إلى طليطلة سنة 438 ه (1046م) ليدرس العلوم والفقه والأدب، وكان يحكمها بنو ذي النون الذي ازدهرت في أيامه طليطلة وغذت مركزاً للفن والفكر تضاهي قرطبة وإشبيلية. وقد أخبرنا صاعد عن رجال الفكر الذين اشتهروا في العلوم المختلفة مثل ابن عطاء وابن خميس وغيرهم.
تتلمذ القاضي صاعد على يد هشام بن أحمد وكان أعلم الناس في النحو واللغة ومعاني الأشعار وعلم العروض وصناعة البلاغة. وكذلك تتلمذ على يد أبي اسحق إبراهيم التجيبي في الرياضيات وعلم الرصد.
قسم صاعد وقته بين بلاط المأمون بن ذي النون والكتابة التي شغف بها. فوضع الكتب المختلفة التي ضاعت كلها ما عدا كتابه «طبقات الأمم» وقد عرفنا أسماء مؤلفاته الأخرى في كتابه المذكور، وهذا الكتاب هو كل ما تبقى من تآليفه العلمية والفلسفية والتاريخية.
1_ علم الرصد وقد أتى على ذكر مضمونه مراراً في كتاب الطبقات دون أن يشير إلى عنوانه.
2_ جوامع أخبار الأمم من العرب والعجم.
3_ مقالات أهل الملل والنحل. تكلم فيه عن ديانات الشعوب وهو على الأرجح شبيه بكتاب ابن حزم في الموضوع ذاته.
4_ طبقات الأمم.

طبقات الأمم

كتب صاعد طبقات الأمم سنة 1068 وكان يومها قد شارف على الأربعين، وقد استفاد من وجوده مع رجال العلم والفكر في طليطلة وخارجها وكان منفتحاً كأستاذه ابن حزم على الشعوب والديانات الأخرى. كما أنه اعتمد في تأليف كتابه على الروايات الشفهية ولقاء الشيوخ ومحاورة الأقران.
فعمله في القضاء جعله ينتبه لما يجري حوله من دقائق الأمور ومقابلة شخصيات العصر. وكان يناقش ويعلق على كتبه أمام تلاميذه الذين نشروا تلك الكتب في الشرق والغرب. ولما توفي سنة 1070 ابنه ابن الحديدي أحد كبار موظفي بلاط المأمون.

تقسيم الكتاب ومنهجه

أعطى صاعد وهو يقسم الأمم القديمة عامل اللغة الصدارة في تكوين الأمة، بينما أعطى المملكة الواحدة والأرض الواحدة أهمية ثانوية في مرحلة تاريخية لاحقة.
وعلى ما يبدو فقد مجد صاعد قوى العقل التي يتميز بها الإنسان عن الحيوان وقال كلما سما الإنسان بعقله اقترب من الكمال. فالانكباب على العلم هو نقطة تحول حاسمة، إذ بواسطته تتميز الأمم وتطور تاريخياً. وقد فهم مؤرخنا التاريخ من خلال دور الفرد. حيث انكب أفراد على علوم يعتبرها مصيرية للأمة وتطورها.
وكانت الأمة السابعة هي العرب. وقد وضع بلاد العرب في إطارها الجغرافي والتاريخي وأعطى مساحات للمدن المهمة. وهذا يشير إلى مفهوم صاعد الواسع في الكتابة. فالتاريخ عنده ليس سرد أخبار الملوك والعائلات والحروب، وإنما هناك مفهوم شامل وعوامل متعددة تلعب دورها في تطور التاريخ منها الفكري والجغرافي والاجتماعي. وهذه الشمولية ميزت كتاب القرن الحادي عشر عمن سبقهم وقد رأينا ذلك عند ابن حزم وابن حيان.

أهمية الكتاب

احتل كتاب «طبقات الأمم» دوره البارز في عالم الكتابة والفكر، كما أنه كانت له أهميته في الشرق والغرب على حد سواء وهناك ثلاثة كتاب اهتموا بتاريخ العلوم وأخذوا عن صاعد كتاباتهم عن المراجع في تواريخ العلوم وهم:
1_ ابن القفطي حيث نقل في كتابه تاريخ الحكماء عن كتاب طبقات الأمم دون أن يذكر مصدره إلا ثلاث مرات.
2_ ابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء وكان أكثر أمانة من سابقه في معظم الأحيان.
3_ابن العبري في كتابه مختصر الدول وقد أخذ عن طبقات الأمم وخاصة عندما تكلم عن الشعوب التي اهتمت بالعلوم. وفي القرن السابع عشر أخذ المقري 1102 ه 1620 م عن كتاب صاعد عندما تكلم عن الحركة العلمية في الأندلس في القرن الخامس الهجري أو الحادي عشر الميلادي.
طبقات الأمم لصاعد الأندلسي
كان الناس في سالف الأزمان وقبل تشعب القبائل وافتراق اللغات سبع أمم: 1_ الأمة الفارسية، 2_ الكلدانيون السريانيون البابليون، 3_ اليونانيون والروم والفرنجة والجلالقة وبرجا والصقالبة والروس والبرغش واللان. 4_ القبط وهم أهل مصر وأصناف السودان والنوبة والزنج وأهل المغرب البربر. 5_ أجناس الترك. 6_ الهند والسند ومن اتصل بهم. 7_ الصين.
وقسم صاعد هذه الأمم على كثرة فرقهم واختلاف مذاهبهم إلى طبقتين:
طبقة عنيت بالعلم فظهرت منها ضروب العلوم وصدرتها عنها فنون المعارف وهم ثمانية أمم: الهند والفرس والكلدانيون واليونانيون والروم وأهل مصر والعرب والعبرانيون. وطبقة لم تعن بالعلوم فيما بقية الأمم وأهمها وأكثرها سكاناً ومساحة: الصين التي برزت على سائر الأمم في إتقان الصنائع العلمية وأحكام المهن التصويرية «التصوير والزخرفة» فهم أصبر الناس على تحمل التعب وتجويد الأعمال ومعاناة التعب في إتقان الصنائع. وأما الترك فأمة كثيرة العدد وفضيلتهم التي عرفوا بها وبرعوا فيها وأحرزوا فضلها فهي معاناة الحروب ومعالجة آلامها. فهم أحذق الناس بالفروسية وأبصرهم بالطعن والضرب والرماية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1054