الأومانيتيه: مذكرات جريدة فرنسية
صدر العدد الأول من جريدة «الأومانيتيه» عام 1904، وأصبحت الجريدة ناطقة باسم الحزب الشيوعي الفرنسي منذ عام 1920، وكانت «الأومانيتيه» قد وقفت إلى جانب الشعب السوري واللبناني خلال سنوات النضال في سبيل جلاء الاستعمار الفرنسي، وخاصة في فترة الثورة السورية الكبرى.
سورية في الصحافة 1925
لم تكن الصحافة المحلية والعربية والعالمية بمنأى عن أحداث الثورة السورية الكبرى، وخصصت صفحاتها الأولى لأخبار الثورة في السويداء والجبل وانتفاضة دمشق وثورة غوطتها، وإدانة الهجمات الاستعمارية، والتضامن مع الثورة السورية الكبرى 1925-1927.
ونشرت الصحف العالمية أخبار الثورة السورية الكبرى، مثل: التايمز والديلي تلغراف والديلي اكسبريس اللندنية وصدى باريس والأومانيتيه الباريسية وصحيفة البرافدا (الحقيقة) السوفييتية، وأبدت البرافدا تضامن شعوب الاتحاد السوفييتي الكامل مع حركة التحرر الوطني العربية، واستعدادها لتقديم كل العون والمساعدة لحركة التحرر الوطني في سورية ولقيادة الثورة، كما أدانت القصف الهمجي البربري وكل أشكال الاستعمار، وفضحت الإنسانية الباريسية مجازر الاستعمار الفرنسي في سورية. (جرمانا جارة الفيحاء بين التراث والحداثة، إصدار مجلس بلدة جرمانا 2002، ص 83-84)
على صفحات الأومانيتيه
وقفت جريدة الأومانيتيه «الإنسانية» الباريسية، جريدة الحزب الشيوعي الفرنسي دفاعاً عن الشعب السوري وشعوب المستعمرات الأخرى، ونشرت الجريدة نداءات الثوار، وأخبار الثورة السورية الكبرى، وبيانات الحزب الشيوعي باستمرار. واستمرت جريدة الأومانيتيه الفرنسية تدافع عن الشعب السوري حتى تحقيق الجلاء.
كتبت الجريدة عام 1925 أن الثوار يسيطرون على سورية كلها عدا المدن الكبرى، كما كتبت عن قصف الدرويشية بشكل كامل في عددها بتاريخ 19/10/1925. واحتجت الجريدة على النهب وفظائع الاستعمار الفرنسي في سورية. كما نشرت الجريدة نداءات الثوار وسلطان باشا الأطرش، وكتبت المقالات عن تصاعد النضالات الجماهيرية في سورية.
ونشرت الجريدة البيانات السياسية الموجهة إلى الضباط والجنود الفرنسيين في سورية تطالبهم بعدم إطلاق النار على الثوار والمواطنين لأنهم يناضلون لتحرير وطنهم من البرجوازية الفرنسية، كما نشرت البيانات الموجهة إلى الرأي العام الفرنسي والعالمي لتأييد النضال التحرري للشعب السوري ضد الاستعمار.
الحركة الوطنية والأومانيتيه
كانت جريدة الأومانيتيه توزع في مناطق مختلفة من سورية ولبنان منذ بداية العشرينات. كما كان قادة الثورة السورية الكبرى وممثلو الحركة الوطنية يعرفون الجريدة جيداً، يراسلونها ويكتبون فيها، ويشيدون بموقفها في الصحف الأخرى.
كتب شكيب أرسلان في جريدة الشورى الصادرة في القاهرة مقالاً بتاريخ 22 تشرين الأول 1925 بعنوان «الإنسانية الافرنسية» مشيداً بمواقف جريدة الأومانيتيه الشيوعية تجاه نضال شعوب المستعمرات في سبيل استقلالها. وكانت تصله أعداد الجريدة إلى جنيف في سويسرا. وهي مثال لما كانت تحدثه الجريدة من أثر في صفوف الحركات الوطنية في البلدان العربية المستعمرة.
وجاء في مقدمة المقال: إن جريدة الأومانيتيه هي الجريدة الوحيدة التي تجهر بالحق عن حرب الريف، لأنها جريدة العملة والصعاليك من الأمة الافرنسية (يقصد الطبقة العاملة- المحرر) وقرأها نحو نصف مليون إنسان. وكتب شكيب أرسلان هذا المقال بمناسبة فضح جريدة الأومانيتيه للجرائم البشعة التي نفذها الجيش الفرنسي في المغرب أثناء ثورة الريف، مثل: قطع الرؤوس وإعدام الأسرى.
وصلت هذه القضية إلى البرلمان الفرنسي وحدثت ضجة، وأضاف أرسلان في مقاله: لم يوجد من اعترض وقبح غير الشيوعيين، وهم 77 نائباً من 600. أفعلمت أيها الشرقي من هم المتمدنون الذين أتوا إلى مراكش والجزائر وتونس، وأخيراً قدموا إلى سورية ليعلموا الأهالي المدنية؟ جنيف، شكيب أرسلان. (شكيب أرسلان، الإنسانية الافرنسية، جريدة الشورى، العدد 52 الخميس 22 أكتوبر 1925).
وكان أحد أبرز شهداء الثورة السورية الكبرى الدكتور عادل النكدي مراسلاً لجريدة الأومانيتيه. حيث جاء في كتاب الدكتور محي الدين السفرجلاني من جامعتي باريس ومصر «تاريخ الثورة السورية» ص626-628: بتوقيعه الخاص وبتواقيع مستعارة، كثيراً ما كان يخص في جريدة أومانيتيه الفرنسية بمقالاته الكثيرة بالفرنسية. وأن عشر ما نشرته جريدة أومانيتيه الفرنسية عن الثورة السورية كانت بقلم هذا الفقيد الأعز. ولديه من النائب الفرنسي المسيو مارسيل كاشان ما لا يقل عن 300 جواب على الرسائل التي بعثها له الفقيد. ويذكر أن الدكتور عادل النكدي استشهد في إحدى معارك غوطة دمشق عام 1926.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1010