الشمس في يوم غائم

الشمس في يوم غائم

تحولت الرواية إلى فيلم سينمائي عام 1985 من إنتاج المؤسسة العامة للسينما، ومُثلت كمسرحية فيما بعد، أما الرواية نفسها «الشمس في يوم غائم»، كتبها الروائي الراحل حنا مينه، وصدرت طبعتها الأولى عن وزارة الثقافة السورية في دمشق عام 1973، وطبعتها الثانية عن دار الآداب في بيروت عام 1998.

مؤرخ الفقراء

تُرجمت الرواية أيضاً إلى اللغة الإنكليزية على يد بسام فرنجية أستاذ اللغة العربية في كلية كليرمونت ماكينا في كاليفورنيا. وأطلقت جريدة نيويورك تايمز لقب «مؤرخ الفقراء» على الروائي حنا مينه، مختصرة العشرات من رواياته التي كتبها خلال فترة امتدت لنصف قرن، ويعتبر أحد أوائل الروائيين العرب الذين استخدموا الواقعية الاجتماعية.
استحوذت رواية «الشمس في يوم غائم» على جوهر عمل مينه وحججه المركزية ضد الإمبريالية والقمع حسب الصحف الأمريكية. تروي الرواية قصة شاب سوري ينحدر من عائلة غنية زمن الاستعمار الفرنسي لسورية، التي لم تحصل على استقلالها إلا عام 1946، ولاحظ أحد النقاد إلى أن الاضطراب الداخلي لهذا الشاب، يعكس العذاب السياسي لأمة ممزقة، محتلة.

زمن التغيير

أما العمل الآخر المترجم للإنكليزية «بقايا صور»، فهي رواية على شكل سيرة ذاتية عن عائلة فقيرة مضطربة في المناطق الريفية شمالي سورية، تعيش خلال الانتداب الفرنسي، عندما تنهار صناعة الحرير بسبب التكنولوجيا الجديدة والواردات الرخيصة، وتتعرض حياة الأسرة المحفوفة بالمخاطر بالفعل إلى اضطرابات أكبر.
تقول كاتيا جنيناتي الأستاذة بجامعة وارويك في كوفنتري بإنكلترا، والتي درست عمل حنا مينه:
«ولد في زمن التغيير الاجتماعي والسياسي الكبير، وقضى حياته حول الطرق المؤدية إلى العدالة الاجتماعية التي يمكن أن تتحقق في سورية، ولد حنا مينه في مدينة اللاذقية وهو من مؤسسي اتحاد الكتاب في سورية، وكان يلقب «شيخ الرواية السورية». وقضى طفولته في إحدى قرى لواء إسكندرون الحدودية مع تركيا قبل أن يرحل مع أسرته إلى اللاذقية».

رابطة الكتاب والصحافة

عمل حنا مينه حلاقاً وحمالاً على الأرصفة في الميناء، وبحاراً على القوارب والسفن، ومصلح دراجات، قبل أن يشرع في كتابة المسلسلات للإذاعة العامة، ونشر القصص في الصحف السورية. تعاملت العديد من رواياته مع «البحر» قائلاً: إن «البحر كان دائماً مصدر إلهامي، حتى إن معظم أعمالي مبللة بمياه موجه الصاخب. وتحولت بعض رواياته إلى مسلسلات وأفلام سينمائية، مثل: الشمس في يوم غائم، وبقايا صور، ونهاية رجل شجاع، والمصابيح الزرق.
أسس مع عدد من الكتاب اليساريين عام 1951 رابطة الكتاب السوريين التي نظمت عام 1954 المؤتمر الأول للكتاب العرب. وصدرت روايته الأولى «المصابيح الزرق» عام 1954 وكذلك من مؤسسي اتحاد الكتاب العرب في أواخر الستينات.
انتقل من اللاذقية إلى بيروت فدمشق عام 1946، وتنقل بين أوروبا والصين لفترة طويلة بعد تعرضه للملاحقة عام 1959، كما عمل في الصحف السورية واللبنانية، وتولى رئاسة تحرير صحيفة «الإنشاء» السورية، وصحيفة «السلام» التي صدرت عن أنصار السلام بداية الخمسينات، لينتقل بعدها إلى كتابة القصص القصيرة ثم الروايات. ووضع نحو أربعين مؤلفا،ً ومن أهم أعماله: الشراع والعاصفة 1966، الياطر 1975، ونهاية رجل شجاع 1989.

اليوم الغائم

الشمس في يوم غائم، عنوان ذو رمزية إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية الاجتماعية في سورية زمن الاحتلال الفرنسي.
فاليوم الغائم، هو الاحتلال والاستعمار الفرنسي، وهو سحل الفلاحين على يد الإقطاع والدرك، هو صورة القاع الاجتماعي في مدينة من الساحل السوري، هو صورة العائلة الغنية التي طالما تفاخرت بنسب أجدادها وعلاقتهم بالباب العالي، وقواته البحرية التي نكلت بالفقراء، وطالما تفاخرت بعلاقتها مع ممثلي الاستعمار الفرنسي وأيدت احتلال البلاد.
والشمس هنا شيء آخر، وصفه هذا الشاب كالتالي: لقد عاشرت في المدينة شباباً لا يفكرون على طريقة عائلتنا، واشتركت يوماً في مظاهرة وطنية وأمام السراي، وكان والدي في الشرفة يترجم للمستشار هتافاتنا وشعاراتنا، رآني فامتلأ غضباً، أنبني وعاقبني ثم أصدر قراراً بنفيي إلى بيروت للدراسة، وقال له يوماً: المظاهرات؟ تريد الجلاء؟
والشمس هنا وطنيون ناضلوا في سبيل الجلاء، وبشروا بالعدالة الاجتماعية، وشمسهم أشرقت تبدد غيوم الاستعمار والإقطاع وأغنياء المدينة، والشمس هنا الموسيقى الشرقية للبسطاء التي رفضت غيوم الموسيقى الغربية في قصور الأثرياء. والشمس هي الخياط معلم الموسيقى الذي علم الشاب أنغام الشرق ورقصاته، فانقض عليه زلم الاستعمار والقصور بالخناجر. وأيضاً الشمس هنا فكرة حان أوانها: الخلاص والعدالة الاجتماعية.
يقدم حنا مينه في روايته شخصيات متباينة بين الذين يفضلون العيش كغيرهم، أو دمى بأيدي الآخرين، والذين يرغبون في أن يعيشوا الحياة باحثين عن التجديد والتغيير.
بطل الرواية فتى في الثامنة عشرة، متمرد له هواية أن يتعلم العزف على أية آلة موسيقية، تعلّم الفتى رقصة الخنجر عند الخيّاط، رغم أنها كانت خطرة. وعندما أدى الرقصة أمام حشد كبير خُيّل إليه أنّ روحاً جديدة حلّت به. وجلبت الرقصة عليه رياح غضب الأسرة، إذ اعتبر والده أن هذه الرقصة مشينة. الخياط هو من علمه الرقص والعزف، وفي قبو الخياط تسكن امرأة نظرت إليه بعين التحدي والغيرة حتى فقد توازنه، ثم تنكشف العلاقة بينهما ما يشكل فضيحة مدوية، تؤثر على الجميع، فيختار الفتى الرحيل للخارج، ثم يقع الخياط ضحية لتهمة ظالمة، حيث اتهموه بتحريض الفقراء على الأغنياء، وتحريض الناس على الحكومة، فقتلوه بالخناجر.

معلومات إضافية

العدد رقم:
970
آخر تعديل على الأربعاء, 17 حزيران/يونيو 2020 10:25