تانيا صالح تودّع «أيام الروك»
اللقاء الذي يجمعها بجمهورها في «مترو المدينة» ليس موعداً عابراً. إنّه نقطة تحوّل في مسيرة الفنانة، التي تتمسّك بخيار البقاء في لبنان برغم الأوضاع الأمنية الصعبة. بعدما اشتهرت بنمط الروك، تستعدّ لإصدار ألبوم جديد سيكون أكثر «نعومة» وميلاً إلى الجاز.
تحتلّ الموسيقى الجزء الأكبر من حياة تانيا صالح (1969). هي تراها وسيلة جميلة لتخطّي الواقع الصعب، الذي نعيشه اليوم. حول فكرة الحفلة التي تقدّمها في «مترو المدينة» غداً وفي 14 من الشهر الحالي، شرحت لـ «الأخبار»: «رأيت أنه من المهم جداً أن نفعل شيئاً في هذه الأجواء الصعبة التي نعيشها، وحتى لو كنا نشعر بالألم. لدينا مسؤولية تجاه البلد. يجب أن نبعث ببعض الأمل والتفاؤل. ومن الجميل أن تكون لنا فسحة فرح. كثيرون سافروا. أما أنا، فلا أفكّر حتى في الموضوع. هو أمر غير وارد. قد أسافر من أجل تقديم حفلة موسيقية، لكن لا مجال لأكثر من ذلك. مع كل «القرف» الذي نعيشه، لا يسعدني أن أعيش في مكان آخر. وبرغم كل شيء، ما زال لدينا فن وثقافة وأشياء كثيرة أخرى مفرحة». لقاء «المترو» سيكون بمثابة وداع لما قدّمته صالح في السابق. من هنا، جاء عنوان «خلصت إيام الروك» الذي يمثل نقطة انتقال من مرحلة الروك الى أسلوب أكثر نعومة وميلاً الى الجاز.
تعمل الفنانة اللبنانية حالياً على ألبوم جديد، لذا قررت أن تكون حفلتا «المترو» مخصصتين لأداء أغنيات معروفة من ألبوميها السابقين، على غرار «وحدة» و«خلصوا الدفاتر» وغيرهما. ومن المفترض أيضاً أن تقدّم استعادة لإحدى الأغنيات المعروفة، وهو أمر تحبّ أن تفعله في حفلاتها. أما في ما يتعلّق بأغنيات ألبومها الجديد، فلا تعد بأداء إحداها الا إذا تمكّن الموسيقيون من التمرّن عليها في الوقت المناسب. يرافق صالح على المسرح كل من عبود السعدي، الذي يدير الفرقة ويعزف على البايس، وزياد حلو على الغيتار، ومازن سبليني على الكيبورد، وفؤاد عفرا على الدرامز، ونضال أبو سمرا على الساكسوفون.
لطالما عُرفت صالح بكونها «فنانة ملتزمة». نصوص أغنياتها المحمّلة بالنقد هي ما صنّف أعمالها في خانة الأغنية الملتزمة، وخصوصاً أنّها تلجأ غالباً الى التحدث عن مجتمعنا ومشكلاته في أعمالها. ترى أنّ أكثر ما يهدّد مجتمعنا هو «الجهل وقلة الانفتاح على رأي الآخر، فليس معقولاً أن تكون على حق طوال الوقت. يكفي أن نشاهد نشرات الاخبار وكيفية نقلها للأحداث المملة نفسها كي نلمس ذلك. لن نرى البلد يتحسن قريباً. وحتى لو بدأنا منذ الآن، فالامور بحاجة الى 100 سنة لتصبح جيدة، لكن أنا متأكدة من أنّ الامور ستصلح يوماً ما». الا أن صالح لا تحبّ تسمية «ملتزمة». تفضّل اعتبارها فنانة مستقلة: «تسمية موسيقى بديلة ليست محبّذة كثيراً. يلجأ الموسيقيون إجمالاً الى مصطلح Underground. أما أنا، فأقول إنني فنانة مستقلة، أي إنني لست في انتظار شركة انتاج سعودية تنفّذ لي ألبوماتي. أفعل ما أحبّه وما أنا مقتنعة به. ثم إنني أملّ سريعاً وأحب التغيير. من ناحية أخرى، جماعة الـ Underground يعزفون موسيقى تجريبية في معظم الاوقات. وأنا لا أحب الموسيقى التجريبية بصراحة، لأنها مزعجة وموجعة للرأس. يجب أن تتلذّذ الأذن بالموسيقى لدى سماعها، لا أن تتعذب. يجب أن تكون مفيدة للحياة. وهذا رأيي الصريح في الموسيقى التجريبية. أما عبارة ملتزمة، فلا أحبها، لأنه سيبدو كأنني أؤيد فريقاً سياسياً معيناً، وأنا لا أريد أن أُلصَق طابعاً معيناً يرافقني طوال حياتي».
تسجّل صالح حالياً في الاستديو، حيث ستنتقل الى أسلوب مختلف تماماً، وفيما لم تشأ الافصاح أكثر عن هذا النمط الجديد الذي ستسلكه، سألناها عما إذا كانت ستحافظ على اللهجة الساخرة واللعب على الكلام اللذين طُبعت بهما أعمالها السابقة. تقرّ بأنّ هذا الألبوم الجديد سيكون أكثر «حنّية»، وميّالاً الى نظرة إيجابية، مؤكدة: «ليس هناك أجمل من الموسيقى في العالم، وأولادي طبعاً».
تميل صالح كثيراً في أغنياتها الى المزج بين أنماط مختلفة، مما جعل موسيقاها خليطاً متجدداً من الموسيقى العربية والتأثيرات الأخرى. تقول: «ابني قال لي مرّة إنني لست لبنانية لأني لا أغني الموسيقى التقليدية، لكن هذه حقيقتنا، فنحن نستمع الى أنماط مختلفة، من كوبا وفرنسا وأنحاء العالم. لا يمكننا أن نبقى على الموسيقى العربية القديمة بحجة أننا نحافظ على التراث، وإلا فسنكون نكذب على أنفسنا. لا أحد يعيش في التراث».
المصدر: الأخبار