استبداد إعلامي

استبداد إعلامي

الإدارة غير راضية لتحول موقعها للتواصل الاجتماعي الفيسبوك إلى منصة لنشر الأخبار من قبل جميع وسائل الإعلام! لذلك بدأت بالتفكير في كيفية تأثير تعديلات الفيسبوك على وسائل الإعلام.

البعض سيردد هذه التعديلات كالببغاء، وهو حال معظم وسائل الإعلام، بينما يرى أصحاب وسائل الإعلام الكبيرة، التي تحقق أرباحاً طائلة: أنه يمكن التوصل إلى حل بينهم وبين إدارة الفيسبوك.
الخطير بالموضوع هو: تشديد إدارة الفيسبوك على حرية انتشار المعلومات والأخبار، وبالتالي زيادة قدرة الفيسبوك على التحكم بما يجب ترويجه، وما لا يجب ترويجه! تحت اسم: وسائل الإعلام الموثوقة ووسائل الإعلام غير الموثوقة.
من هي وسائل الإعلام غير الموثوقة، بالنسبة إلى إدارة الفيسبوك؟ هي: من لا تتوافق في طروحاتها وتأثيرها مع مصالح مالكي الفيسبوك، ويعني في جزء منها: المواقع اليسارية الإلكترونية التي تستخدم الفيسبوك لبث المواد الإعلامية، في سياسية تشبه تلك التي اتبعتها إدارة موقع غوغل لتقييد عمل المواقع اليسارية والعمالية قبل فترة قريبة.
تتبخر عند كل محطة مشابهة، القيم التي طالما روجت لها وسائل الإعلام الكبيرة في العالم، كحرية الإعلام والنموذج الغربي للديمقراطية والحريات، وتثبت أن الرأسمالية شمولية حتى النخاع، وستمارس أنواع الاستبداد كلها إذا اقتضت مصالحها ذلك، ولطالما كانت هي نفسها مسؤولة عن صنع منصات الأخبار، للتدخل في شؤون البلدان، ومنعت في الوقت نفسه أخباراً أخرى من الوصول إلى المستخدمين، إلى حد إغلاق صفحات بعينها مثل: بعض الصفحات التي تفضح ممارسات الاحتلال الصهيوني، والصفحات الخاصة بالانتفاضة الفلسطينية الثالثة وغيرها..
الاستبداد الإعلامي، يلازم البنية الفوقية للرأسمالية منذ القرن التاسع عشر، يحاصرك هذا الاستبداد في البداية، بمختلف أشكال وسائل الإعلام التي تبشر بتعاليم الفردانية والحرية، وتقيد عمل هذه الوسائل نفسها، إذا ما هددت مصالحها بشكل ما. يذكرنا ذلك بقول لينين: «إذا وقفت مبادئ الرياضيات ضد مصالح البرجوازية لأنكرتها».
ربما ستدفع التعديلات المشابهة التي تمارسها إدارة الفيسبوك، إلى التفكير ببعض البدائل لكسر الهيمنة الغربية على وسائل التواصل الاجتماعي في المستقبل القادم، ذاك المستقبل الذي تجهله إدارة الفيسبوك!