حرب النجوم: دولة عدوانية وإرهابيو جيداي
ليس سراً أن هوليوود والثقافة الجماعية الحديثة كلها، ليست مجرد عمل مفيد ومربح، بل هي أيضاً: سلاح قوي في الدعاية. فالكثير من الناس حول أنحاء العالم يستهلكون هذا البديل الثقافي الذي تم تقبله دون عناء من قبل الوعي البشري الأكثر تطوراً، والذي تم تشكيله من قبل.
فتوجد الكثير من المنشورات في وسائل الإعلام الدولية (وحتى بعض الوسائل الإعلامية الأمريكية الكبرى) التي تثبت: أن وكالة المخابرات المركزية والبنتاغون والوكالات الأخرى، تشارك بشكل مباشر في وضع جدول أعمال شركة (دريم وركس) المنتجة للأفلام والرسوم المتحركة. وما يحدث أن فلماً ما يتلقى تمويلاً إضافياً تحت رعاية كاملة من قوات الأمن. ويشارك معظم الخبراء في إعداد صور مختلفة، وفقاً لمصالح كياناتهم. ويتم منع الأفلام ذات السيناريوهات الخاطئة في نظرهم، أو يتم تخفيض الميزانية بحيث يصبح الإنتاج بلا معنى.
وبطبيعة الحال، فإن بنية المجتمع الأمريكي ومجال المعلومات لديه، يساعد في تصحيح الإنتاجات التي تدخل في تدفق المعلومات، بشكل أسهل من مجتمعات أخرى. ويوجد مثال جيد عن هذه الحالة وهو: ملحمة «جورج لوكاس» الشهيرة «حرب النجوم».
لم يتوقع مخترع هذه السلسلة الأسطورية نفسه هذا النجاح الكبير. تم إصدار أول فيلم عن هذه الأحداث التي تجري في مجرة بعيدة جداً، في عام 1977. وإذا كنتم تتذكرون حال العالم والمجتمع الأمريكي على وجه الخصوص في تلك الفترة، ستفهمون سبب تلك الشعبية الكبيرة لهذا الفلم.
تتشابه أحداث هذه الملحمة بشكل كبير مع أحداث الحرب الباردة والعالم ثنائي القطب. فالجمهورية الحرة والديمقراطية وكذلك المتمردون يعارضون الإمبراطورية اللاإنسانية والاستبدادية، وأعضاء منظمة «جيداي» النبلاء يقفون في وجه القتلة المتعطشين للدماء. يوجد في المجرة الكثير من الصراعات على مختلف الكواكب مع مستويات تنموية مختلفة (على غرار الصراعات في إفريقيا وجنوب شرق آسيا). الإمبراطورية دوماً قامعة، ومنظمة «جيداي» والمتمردون مقاتلون نبيلون من أجل الحرية والازدهار.
تنظيم الإمبراطورية نوع من التوليف الذي يدل على الاتحاد السوفيتي والدولة الألمانية: الاستعراضات والزي الرسمي والمسيرات، وحتى شكل الخوذة للأشرار الرئيسين مبالغ فيها، ويؤكد بوضوح أنه لا يوجد شيء إيجابي تجاههم والحل الوحيد هو تدميرهم.
الجمهورية التي تدل على الاقتصاد الحر والثقافة والتنوع والتنمية والتقدم التكنولوجي. والإمبراطورية التي تسيطر فيها الدولة على الاقتصاد والرقابة، بالإضافة إلى القمع والركود. هذه هي الحجج نفسها التي استخدمت في الدعاية الإعلامية الأمريكية ضد الاتحاد السوفيتي.
وأخذ الصراع بين الجمهورية والإمبراطورية عمقاً أكبر. فالجمهوريون والمتمردون مرتبطون بالفوضى، وهم مجموعات متباينة من الكائنات من كواكب مختلفة، ليس لها مركز قيادة محدد بوضوح، ثم تقوم بتوحيد جهودها لضرب العدو. والإمبراطورية هي: دولة مركزية، ملكية وتمثل الاستقرار والنظام. ومن الواضح أن هناك تشابهاً مع التصادم الجيوسياسي للأرض والبحر، فالبحر هو الفوضى والحرية، والأرض هي النظام والاستبداد. وبعبارة أخرى فإن الحرية الحقيقية في نظر مخترعي الفلم والقائمين عليه هي التي ستظهر فقط.
والحملة الإعلامية التي أُطلقت لدعم الحلقة السابعة من حرب النجوم، جعلت الإعلام يكشف حقيقة أخرى. ولاحظ علماء النفس أن أساليب التجنيد المستخدمة من قبل داعش هي نهج جديد وجيد من النهج الذي كانت تتبعه منظمة «جيداي».
وتمثل إحدى الشخصيات الرئيسة في هذه الملحمة والتي هي «لوكا سكاي ووكر» الشاب اليتيم الذي يعيش في مزرعة عمه، وليس لديه أصدقاء وكل ما يريده هو مغامرة خارج العالم الذي نشأ فيه.
وقالت مجلة الأمن الداخلي: إن معظم المتطرفين في داعش يكبرون بدون أب، ولديهم صعوبة في التواصل مع أقرانهم، ويحاولون الانضمام إلى المجموعة من أجل كسب الإحساس بالدعم والأهمية. «لوك» هو الشخص الذي كان يسعى إليه «أوبي وان كينوبي» المتعصب الديني الذي كان هدفه هو تثقيف وإعطاء تفسير متطرف لمفهوم القوة للشباب.
حدث الشيء نفسه مع «أنكين سكاي ووكر» والد «لوك». فقد نشأ على كوكب بعيد من دون أب، ولم يكن لديه أصدقاء، حتى ظهر «أوبي وان كينوبي» في حياته. وتكررت القصة نفسها تماماً في التتمة الأخيرة، ولكن هذه المرة نشأت فتاة صغيرة على كوكب مهجور، وستلتقي «لوكا» في نهاية الفلم.
العلامة التجارية لفلم حرب النجوم هي: إحدى العلامات الأكثر تميزاً في العالم. حصد الكثير من المعجبين في دول العالم وخاصة الدول الغربية، وارتفع عددهم خلال 38 عاماً إلى الملايين. وما كان يُنظر إليه على أنه فيلم خيال علمي، أصبح في نهاية المطاف أداة قوية في برمجة وعي الكثير من الناس.