فنجان قهوة لماذا الكوميديا؟!

 السؤال الأكثر تكراراً من بين مجموع الأسئلة التي طرحت علي أثناء تقديم عرض «الرهان» هو: «لماذا الكوميديا»؟ أما دوافع السؤال فحتماً مختلفة وربما تراوحت (أقول ربما) بين مستنكر للكوميديا، أو مالك لرغبة حقيقية في معرفة السبب، أو أن الشكل الكوميدي الذي طرحته خلق التباساً لدى البعض حول مفهوم الكوميديا.

وهنا أسأل: ماذا لو أنني قدمت نوعاً مسرحياً آخر ـ كالدراما مثلاُ أو التراجيديا ـ هل كان سيتردد السؤال نفسه؟ لماذا الدراما.. أو لماذا التراجيديا؟.. أغلب الظن لا. فالكوميديا قد أثارت على مر العصور وماتزال تثير إشكالاً كبيراً نابعاً ربما من تحديد مفهومنا لها ولمهماتها وبالتالي للصيغ التي يجب أن تقدم بها.

من مهمات الكوميديا ـ وباعتبارها أساساً فناً شعبياً، الوصول إلى شرائح أوسع من الناس. وبرأيي من هنا بدأ الإشكال.. ماذا فهمنا من وراء الفن الشعبي وكيف ترجمنا تقديمه إلى شكل؟ وما هو تصورنا للشرائح الأوسع من الناس وكيفية صياغة السبل للوصول إليها. ما حصل أن خلطاً شديداً بين مفاهيم البساطة والتركيب، الجدية والتسلية، صدق المسعى وميوعة التوجه، الشعبي والبلدي، فطافت خشباتنا بعروض كوميدية، وأغرقتنا الفضائيات التلفزيونية بأعمال كوميدية عممت موديلا ًونموذجاً لشكل إضحاك مسطح وساهمت بخلق وتكريس ذوق شائه وبدائي عن الكوميديا. أمام هذا الوضع الناشئ كان لابد أن نذكر بأن الكوميديا هي لاشك البساطة ولكن دون الهبوط إلى مستوى الهزلية الرخيصة. وهي الضحك الهادف من كشف التناقض بين أنماط السلوك للشخصيات وبين حقيقة العلاقات التي تحملها، وهي الوصول  إلى الشرائح الأوسع من الناس لنقل الثقافة المسرحية دون مجاراتهم في أذواقهم المخربة.

الكوميديا لا تعني الفن الهزيل ـ ولدينا مايكفينا ـ تعالوا نعَّرض المتفرج لجرعات فنية صادقة ذات مضمون فكري عميق وتسلية حاذقة ذكية ضمن إطار من الجودة والإجادة الفنية.

 

* أ. نائلة الأطرش

معلومات إضافية

العدد رقم:
170