زكريا تامر زكريا تامر

كيف تنتهي الحرب والقاتل يهوى الضجر؟؟

لا أحد يدعي أن أميركا الآن ليست الدولة الأولى في العالم، ولكن مسؤوليها يفهمون هذه المكانة على أنها الدولة التي يحق لزعمائها التكلم بغير توقف، فالرئيس الأميركي ووزيرة خارجيته ووزير دفاعه يطلقون في الصباح والمساء التصريح تلو التصريح، وما يقولونه اليوم لا يختلف عما قالوه البارحة، وما قالوه البارحة هو ما سيقولونه غدا، فكلامهم ذاته يتكرر بعناد ولا يتبدل،

ولا اختلاف إلا في هيئاتهم وأساليبهم في ركل الكلمات من أفواههم، فالرئيس يتكلم كأنه يقف وحده في غرفة نومه محدقا بإعجاب إلى مرآة بينما عيناه مستمرتان في التساؤل: (ألست مهما؟ ألست خطيرا؟ ألست مخيفا؟ ألست وسيما؟ انظروا.. ها أنا أتكلم وحدي من دون ملقن أو مرشد غير مرئي)، ووزير الدفاع يدلي دائما بتصريحاته وهو عابس الوجه قرف كأنه يخشى أن يطرد من منصبه إذا ضبط مبتسما، ولو كان طيرا لما كان غير الناعق على الأطلال والناعب في المقابر.‏
أما وزيرة الخارجية، فهي مزيج من طاووس وغراب إنسان آلي، تهدد في التصريحات التلفزيونية وتحرك يدها اليسرى، وتتوعد في المؤتمرات الصحفية وتحرك يدها اليمنى، وهي في «إسرائيل» عصفور مصاب بفرح مجنون يغرد على فنن.‏
ومن المؤكد أن هؤلاء الثلاثة يرغمون الناس على أن يتمنوا أن تنتهي كل الحروب الأميركية.. أي نهاية إذا كانت تلك النهاية ستكفل إيقاف هذا الطوفان الرسمي من اللغو الأجوف الذي يكشف عن قاتل غريب الأطوار يهوى أن يضجر ضحاياه قبل قتلها.‏

معلومات إضافية

العدد رقم:
285