جائزة عولمية وفضيحة عالمية

أعلنت لجنة جائزة نوبل العالمية في العاصمة السويدية يوم 11 تشرين الأول الماضي أنها منحت جائزة الأدب للكاتب الإنكليزي الهندي الأصل (في. إس. نايبول) وقد اعتبر اختيار اللجنة «نايبول» هذا العام، وفي هذا الوقت بالتحديد سقطة أخلاقية لجائزة نوبل نفسها، وللذين يقفون وراءها ويحاولون أن يوجهوها توجيهاً سياسياً يخدم بعض الاتجاهات المتعصبة في ا لفكر الغربي. لقد كان هدف الجائزة بالأصل خدمة الإنسانية وتكريم الذين يستخدمون موهبتهم الأدبية والفنية بصورة مؤثرة في التقريب بين الشعوب، وتقليل الصراعات المدمرة وإيجاد نوع من التفاهم الإنساني الذي يساعد الناس في كل مكان على أن يعيشوا في تعاون وسلام ومحبة.

أما الكاتب نايبول الذي نال الجائزة هذا العام جعل العداء للعرب والإسلام من قضاياه الرئيسية وتقديم صورة بالغة السوء لهما.
وقد تناولت الكثير من الصحف العربية مسألة منح جائزة نوبل لهذا الكاتب من بينها مقالتان نشرتا في صحيفة الأهرام القاهرية، إحداها للناقد المصري رجاء النقاش تحت عنوان «جائزة عالمية وسقطة أخلاقية»، والأخرى لمحمد سلماوي تحت عنوان «محاربة الإسلام أيضاً بالكلمات» انتقدا فيه الجائزة ونايبول الذي منحها.

قصة جائزة نوبل
فما هي قصة جائزة نوبل؟ ولمن كانت تمنح حتى الآن؟

جائزة نوبل تعد أشهر جائزة في العالم وأعلاها قيمة مادية حيث بلغت هذا العام مليون دولار.
وقد أسس هذه الجائزة السويدي ألفرد نوبل عام 1901. ومن المعروف أن نوبل جمع ثروته الكبيرة بسبب اختراعه للديناميت، وأوصى بأن يوزع عائد ثروته على ست جوائز عالمية من بينها جائزة للأدب، وجائزة للسلام، وجائزة للطب، والجوائز الثلاث الأخرى، هي جوائز الكيمياء والفيزياء والفزيولوجيا، وفي عام 1968 أضيفت للجوائز الست جائزة سابعة للاقتصاد. وقد احتفل هذا العام بمرور قرن على إنشائها.
وعلى الرغم من شهرة هذه الجائزة عالمياً، ويتمنى الكثيرون الفوز بها، إلا أنها لم تسلم من النقد العنيف. فقد رفضها بعض كبار الأدباء العالميين حين منحت لهم. ومنهم الكاتب الايرلندي الكبير برنارد شو (1856 ـ 1950) الذي حصل عليها سنة 1925 ورفضها قائلاً كلمته المشهورة: «إن جائزة نوبل تشبه طوق النجاة الذي يلقى لأحد الأشخاص بعد أن يكون هذا الشخص قد وصل إلى شاطئ الأمان».
وقد كان اختراع نوبل للديناميت مثار سخرية ونقد عند بعض كبار أدباء العالم منهم برنارد شو ذاته حيث قال: »إنني أغفر لنوبل اختراعه للديناميت، ولكنني لا أغفر له إنشاءه جائزة نوبل» أي أن جائزة نوبل لا تؤدي دوراً نافعاً لأنها في نظره تذهب إلى من لا يحتاج إليها أحياناً، أو إلى من لا يستحقها أحياناً أخرى، أما الأديب اليوناني الشهير «كازانتزاكي» صاحب رواية زروبا اليوناني فيقول عن الجائزة: »لم أفهم كيف يتاجر رجل بالديناميت، ثم يدعو للسلام وينشئ جائزة عالمية لمن يسهمون في خدمته»، ومن يتابع تاريخ هذه الجائزة يجد أنها كانت دائماً منحازة للغرب الرأسمالي وأداة من الأدوات التي استخدمت ضد أعدائه ومنافسيه.
وعلى سبيل المثال فقد أعطيت هذه الجائزة للأدباء الذين عادوا الاتحاد السوفييتي والنظام الاشتراكي. إذ أنها أعطيت للأديب الروسي «بونين» سنة 1933 لأنه عارض ثورة أكتوبر عام 1917 ثم هاجر من روسيا ومات في الغربة، وهناك شبه إجماع على أن يونين لم ينل الجائزة تكريماً لموهبته الأدبية بل مكافأة على موقفه المعادي للدولة الاشتراكية الأولى في العالم. وفي سنة 1958 منحت لـ »بوريس باسترناك» صاحب رواية دكتور جيفاكو التي قامت على نقد الثورة الاشتراكية وتركيزه على جانب من الآلام التي تعرض لها الروس خلال هذه الثورة، كما نالها عام 1970 الأديب الروسي »سولجنستين» وكان من أكبر المعارضين للنظام الاشتراكي.
وهكذا كانت نوبل أداة من أدوات الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة والغرب عموماً، وكانت أداة لمكافأة المتمردين على الاتحاد السوفييتي لمصلحة أمريكا وحلفائها في البلدان الرأسمالية.
وفي الوقت ذاته حرص القائمون على نوبل حرمان عدد كبير من كبار أدباء العالم الذين يستحقونها بجدارة لأنهم أظهروا شيئا ًمن التعاطف مع الاتحاد السوفييتي وانتقدوا الاستعمار والرأسمالية في الغرب، مثل الكاتب البرازيلي جورج أمادو والكاتب اليوناني كازانتزكيس والكاتب الإنكليزي غراهام غرين، لقد كان هؤلاء من الأدباء الإنسانيين الذين تعاطفوا مع شعوبهم والشعوب الأخرى، ولذا وقع عليهم عقاب نوبل في الغرب، وفيها إشارة إلى مسؤولية الغرب عن عذابات الشعوب المغلوبة على أمرها في هذا العالم، وكان أسوأ ما فعلته جائزة نوبل في تاريخها كله هو أنها منحتها للكاتب الإنكليزي الهندي الأصل «نايبول». > >

معلومات إضافية

العدد رقم:
163