عمرو السواح عمرو السواح

إحراق الأوراق الثقافية المهرجان بالنسبة للـ …

عند مرور أي شخص بالقرب من فندق الشام المقر الرئيسي لمهرجان دمشق السينمائي، بين الساعة الـ8.5 و 9.5 ليلاً سيشاهد عدداً لا يحصى من المشاركين في المهرجان، وهم بالضرورة مثقفون، سواءً كانوا نقاداً أم سينمائيين، أو فنانين تشكيليين، أو حتى صحافيين لكن الصفة العامة لهم أنهم (مثقفون) بالدرجة الأولى.

وقد يعتقد الشخص الذي يمر بالقرب من ذلك المكان أن المكان يعج بالضرورة بحركة ثقافية ستؤدي إلى خروج الثقافة من مخاضها لولادة أي شيء جديد، على أي صعيد، وسيخيل للرائي أن أشد الحوارات الثقافية سخونة تجري في الداخل، فإذا رأينا مخرجاً يتحدث إلى فنان تشكيلي، فستقول أنهما يتحدثان عن العولمة وتأثيرها على الثقافة العربية، بينما يكون حديثهما منصباً على مدى جمال الفتاة الجالسة بالقرب منهما.

أما إذا شاهدنا روائياً يتحدث إلى كاتب سيناريو فإننا سنقول أنهما يتناقشان في آخر الطرق في الكتابة، والسرد، وعلاقة الصورة مع المكتوب، وقد تلد بعد قليل فكرة جديدة تصعد بفن الكتابة إلى آفاق جديدة، بينما يكون كل منهما يسر للآخر بآخر فضيحة سمعها (نميمة).
أما إذا شاهدنا ناقدين يجلسان في الزاوية منهمكين في حديث باهتمام بالغ، فسنقول حتماً بما لا يدع مجالاً للشك أنهما يتحدثان عن آخر فيلم شاهداه ويحللانه نقدياً، ويبدو أن الناقد الأول منحاز لمخرج الفيلم، بينما لا يكون أي منهما قد شاهد أي فيلم، والنقاش الذي يدور بينهما حول المكان الذي سيقضون فيه السهرة وأي المحال يقدم مشروباً أرخص سعراً.
إن أي أحد يعتقد ان الحوارات التي كانت تدور في بهو الفندق في مهرجان دمشق السينمائي أكثر جدية مما ذكرنا فهو مخطئ، ومن يعتقد أنه في مهرجانات أخرى قد تكون الأمور أكثر جدية فإنه سيكون ينتمي إلى كوكب آخر، إن هذه الأمور تحدث في مهرجاننا كما تتم في أي مهرجان آخر، سواءً كان المتحدث كوبولا أو غسان شميط، تاركوفسكي أو عبد اللطيف عبد الحميد، أولفر ستون أو ريمون بطرس. فالبشر بشر أولاً وأخيراً ، ولا أعتقد البتة أن هناك أي فرق بين مهرجان دمشق السينمائي، وأي مهرجان ، كان على سبيل المثال.
والآن سأقدم بعض التعريفات التي تخص فهم شرائح وأشخاص لمهرجاننا العتيد:
بالنسبة لطلاب المعاهد التابعة لوزارة الثقافة: 200 فيلم يمكنهم حضورها مجاناً
بالنسبة للصحافيين: 200 شخصية تصلح لأن يجروا معهم مقابلات صحافية لبعض المجلات والصحف الخليجية مقابل مبلغ محترم من الدولارات.
بالنسبة لمدير المهرجان: مجموعة دعوات ستوجه له لمهرجانات أخرى.
بالنسبة للعاملين في المهرجان: الفرصة الوحيدة لكي يحصلوا على مكافآت ولو اضطرهم الأمر لأن يعملوا 24/24 ساعة.
بالنسبة لفندق الشام: عجقة وكترة واجب، والكثير من القهوة.
بالنسبة لسائقي التكاسي: عدد أكبر من الزبائن أمام فندق الشام، وأسف شديد لعدم وجود سينما خليجية، أو جمهور خليجي

معلومات إضافية

العدد رقم:
163