تصبحون على وطن.. ماذا بعد الانتفاخ؟!..

غرائب التكنولوجيا في بلادنا وما يُسمى (بلدان العالم الثالث) كثيرة وعجيبة..

هناك، (في دول العالم الأول) يصنعون التكنولوجيا ويوظفونها على عدة قياسات تتناسب مع قياسات مستخدميها وروادها.. كل شيء مباح.. كل شيء ممكن.. عدا أن تصبح مصنّعاً حقيقياً لتكنولوجيتهم...

منذ فترة وجيزة حضر إلى سورية صديق قديم عاش في الولايات المتحدة الأمريكية قرابة الأربعة عشر عاماً.. وفوجئ بنوعيات (الموبايلات) المتطورة جداً والمتوفرة بأيدي عامة الناس في بلدنا.. وأكد أن الغالبية العظمى هناك (في أمريكا) يستخدمون الموبايلات البسيطة ورخيصة الثمن.. واستخدام تلك الوسيلة الحضارية ينحصر في متابعة الأعمال الضرورية، رغم أنها لاتشكل لهم أي عبء مادي...

وفي بلدنا تنتشر أحدث (الصرعات) من تلك الموبايلات.. وتُستخدم لشتى أنواع الثرثرة وإضاعة الوقت.. والغالب في استخدام تلك التكنولوجيا العصرية تبادل آخر النكت.. وبالأخص الجنسية منها!!...

في رأي لأحد المحللين النفسيين، أن هذا الاستخدام، وإن كان عبثياً، إلاّ أنه يفرغ العديد من الشحنات النفسية لدى المستخدم، ويشعره بأنه يمسك بيد واحدة القدرة على التحكم بتلك التكنولوجيا ليدخل عبرها في أجواء (آخرينه) الذين يبادلونه الرسائل الهوائية...

حققت الصحون الفضائية اللاقطة قفزة نوعية في اجتياز جدران الرقابة والممنوعات، وكانت ثورة تكنولوجية حقيقية، حيث أصبح بالإمكان الدخول لأي فضائية في العالم بضغطة على (الروموت كونترول)..

وفجأة انتشرت تلك الصحون على أسطحة المنازل كالفطور.. وبعد أن دخل نظام التشفير على العديد من المحطات.. حل الديجيتال تلك المعضلة.. وسرعان ماجرى استبدال الريسفيرات القديمة بالديجيتال...

لم يكن الهدف لدى الغالبية مواكبة التكنولوجيا.. ولا الإحاطة بمئات الفضائيات لتتبع أخبار العالم.. يشهد على ذلك أصحاب محلات الصحون والديجيتال: (الفرجة الاباحية)... وذاك المباح في الغرب المتقدم يقدم لنا المرأة كسلعة رخيصة بعد أن يجردها من أبسط القيم ويختصرها إلى دمية جنسية...

بعد تعب النهار.. وذل اللقمة.. يأوي إلى بيته ليمسك أيضاً، وبيد واحدة، نساء العالم عبر الروموت كونترول، ليفرغ قهر عيشه المرير...

الأمر نفسه يندرج على استخدامات الأنترنت... محركات البحث في المواقع العربية ملأى بالسخافات والدردشات المقيتة.. الهيئات المعنية لاتهتم بإبراز الهوية الوطنية والرموز التاريخية.. أربعة سطور وصورة واحدة عن يوسف العظمة.. ولا شيء عن قامات كبيرة وكثيرة...

منذ أيام كانت هناك خطوة في الاتجاه الصحيح.. موقع للمفكر اللبناني الراحل أمين الريحاني (1876- 1940) (www.ameenrihani.org).. ماأحوجنا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لإنشاء مواقع للشخصيات الوطنية والتاريخية البارزة، لتشكل نقطة مضيئة في زمن حالك...

نلهث وراء الهواء.. نزداد انتفاخاً.. نعيش على ولائم أقبية الغرب وأرصفتهم.. لنكون اليد الداخلية الطولى في مسح ذاكرتنا.. ليرسموا لنا ذاكرة على مقاس فضائح مايكل جاكسون بعد أن أصبح رمزاً ينتجون فيلماً عن حياته.. في الوقت الذي يمثل به أمام القضاء في دعاوى اعتداء جنسي على الأطفال...

نلهث وراء الهواء.. نزداد انتفاخاً.. وماذا بعد الانتفاخ؟!..

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

معلومات إضافية

العدد رقم:
227