خليل صويلح خليل صويلح

بين قوسين شطح!

حسناً!
ماذا صنعنا خلال عام كامل؟

في أرشيفنا الشخصي هزائم وكبوات وخيبات، أكثر مما نملك من انتصارات، كأن كل فردٍ فينا، هو عيّنة نموذجية، أو مرآة للمشهد العام: حروب ومذابح، وتشريد وتنكيل على مستوى العالم. صفّقنا طويلاً لـ«تغيير» أوباما، ثم وجدنا القاعة فارغة، قبلها صفّقنا طويلاً لـ«حذاء» منتصر الزيدي بوصفه انتصاراً عظيماً ضد الاحتلال الأمريكي للعراق، ثم تفرّجنا على كرة قدم ملوثة بالضغينة، كآخر مشهد يعبّر بامتياز عن سوسيولوجيا المواطن العربي وتطلعاته «القومية»؟
احتفلنا بالقدس عاصمة للثقافة العربية، باعتبارها مجرد ملصق على جدار الذاكرة، وإذا بها تبتعد أكثر تحت وطأة العنف الإسرائيلي وعدم اكتراث العرب. ودّعنا حزب «كاديما» وتسيبي ليفني، ودفعنا فاتورة حزب «الليكود» وبيبي نتنياهو. ولأننا شعوب «فرجة» بامتياز، زدنا عدد المحطات الفضائية إلى أن تجاوزت الـ(500) محطة مجانيّة لتصدير الخدر الجماعي، فكثرت الفتاوى، وأغاني الفيديو كليب، وعالمات الفلك والبطاطا والتبولة. هدأت فوضى الحرب في السودان قليلاً، فاشتعلت في اليمن، نسينا دارفور و«سروال» الصحفية السودانية، وعقوبة الجلد، فوجدنا أنفسنا في جبال صعدة، وحرب الخناجر المذهبية. انتهينا من باب الحارة رقم أربعة، وننتظر بشغف باب الحارة رقم خمسة، خصوصاً بعد المصالحة التاريخية بين الآغا وأبي عصام بمباركة «النمس».
عام يشبه أعواماً أخرى في اندحار أحلامنا الكبرى، وأحلامنا الصغرى، لكننا لانعدم من يعدد إنجازات وقفز حواجز، وسباق المسافات الطويلة في فضائح الفساد. عقدنا مؤتمرات لتمكين العربية الفصحى، فازدادت الركاكة اللغوية، ومواضيع الإنشاء النافل، التي تواجهنا في كل مكان: في الصحف والفضائيات والكتب، ورسائل الحب، ومراثي الفراق والفقدان والشكوى من سوء الحال.
تعالوا نتذكّر ماذا فعلنا حيال الجفاف وانقطاع الكهرباء وشح المياه، والانحباس الحراري، وتلوّث البيئة، وتراجع التعليم، وتخلّف المناهج الدراسية، وتطوير الإعلام، إلى قائمة طويلة، وأجندة ضخمة من الوعود والتوصيات. لدينا عربياً، وهذا امتياز لا تملكه الأمم الأخرى، هو «الترحيل»، أو ما يسمى «إدارة الأزمات». نرّحل أزمات العام إلى العام الذي يليه، في متاهة مسليّة من القرارات والأختام، والحواشي الجانبية، والتواقيع، والملاحظات، ووجهات النظر، والندوات، والاجتماعات الطارئة، ثم نكتشف أننا ندور في المكان نفسه، ندور، وندور، وندور إلى مرحلة الشطح الصوفي!

معلومات إضافية

العدد رقم:
431