عمرو سواح عمرو سواح

إحراق الأوراق الثقافية: أحداث أيلول الأسود وعلاقتها بالسينما الهوليودية

في فيلم Men in Black «رجال في الظلام»، تبدأ المخابرات الأمريكية بزعامة ويل سميث بملاحقة كائنات جاءت من الفضاء الخارجي بمخططات إرهابية، في نهاية الفيلم تتمكن المخابرات الأمريكية من أن تقبض على هذه الكائنات وتقضي عليها قبل تنفيذ العملية.

في الثلاثاء 11 أيلول لم تستطع المخابرات الأمريكية أن تتقصى أي خبر من أخبار المجموعة الإرهابية -كما تسميهم أمريكا- قبل وقوع الانفجارات الطائرة، على الرغم من أن المجموعة التي نفذت تفجيرات نيويورك والبنتاغون، لا تمت للفضاء الخارجي بصلة، باستثناء أنها أرسلت 5500 مواطناً أمريكياً إلى الفضاء بلا رجعة.
في فيلم Air Force One يقوم هاريسون فورد والذي يلعب دور الرئيس الأمريكي بالدفاع عن طائرته وحيداً ضد الإرهابيين الذين احتلوا طائرته، ويقضي عليهم بعد صراع مرير. في أحداث 11 أيلول اختبأ الرئيس ونائبه ومجموعة من الوزراء، بعيداً عن الأحداث بمئات الكيلومترات.
في أفلام (Die Hard 1-2-3، Run، Speed) و غيرها عشرات لا بل مئات الأفلام، تسيطر مجموعة إرهابية مسلحة بأحدث الأسلحة وأكثرها تطوراً على طائرة، فندق، قطار، أو مبني تجاري..الخ، فيظهر من بين المحتجزين رجل أو امرأة كبطل أوحد يدافع عن جميع الرهائن وحيداً دون مساعدة ، ويقتل هذا البطل الأمريكي معظم الإرهابيين أما من تبقى منهم فيسلمهم لرجال الشرطة.
 في أحداث 11 أيلول لم يظهر أي بطل من هذا النوع على أي من الطائرات الأربع التي تفجرت في أمريكا، بالرغم من أن المختطفين لم يكونوا مسلحين إلاّ بالسكاكين التي قدمت لهم على سطح الطائرة أثناء تناول وجبة الغداء -حسب FBI - ولم يكونوا يحملون أسلحة متطورة.
وفي كل أفلام الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية، يظهر من بين فرق الإنقاذ رجل يستطيع إنقاذ آلاف الناس من الكارثة ، وغالباً يكون رجلاً عادياً. في أيلول الماضي وقف جميع رجال الإطفاء مكتوفي الأيدي وهم يراقبون مبنى التجارة العالمي وهو ينهار ويسوى مع الأرض، والناس يقذفون بأنفسهم من النوافذ، وعلائم الدهشة والفزع تغمر وجوه فرق الإنقاذ.
فجأة تتحول كل أفلام البطل الواحد إلى أفلام كوميدية وتفقد مصداقيتها، باستثناء أفلام الرعب التي ينتصر فيها البطل لكن الوحش لا يموت ليعود في جزء آخر، وهذا ما لا يرجوه الأمريكيون. لم يأت إيقاف عروض بعض الأفلام فقط كدلالة على الحزن على ضحايا تفجيرات نيويورك وواشنطن فقط، لا بل من إدراك الجهات الإنتاجية لزوال صلاحية أفلامهم وأبطالها.
في سيناريوهات أخرى للأفلام الأمريكية تجري الأمور على النحو التالي: تقتل حبيبة أو جماعة بطل الفيلم أو أحد أقاربه، فيقرر بطل الفيلم الانتقام من البطل المضاد، والذي يكون من نوع أرنولد شوارزينغر كرجل شبه آلي مسلح بأقوى الأسلحة قد يصل بعضها إلى ضراوة الأسلحة النووية، أو قد يواجه جون ترافولتا في Broken Arrow والذي يسرق صاروخاً نووياً، أو غيرها مئات من هذه الأفلام، في أفغانستان سيواجه الأمريكيون مجموعة من الرعاة والمزارعين في صحراء وجبال، يفضلون استخدام الكلاشينكوف على أي من الأسلحة المتطورة، يركبون صهوة الأحصنة أو أياً من مشتقاتها، ويسمون القصف الصاروخي بالغزوة، أما العدو الافتراضي للأمريكيين Virtual Enemy أسامة بن لادن إذا ما قورن بأي من أبطال الأفلام الأمريكية، فلن يصل إلى كتف آرنولد أو بروس ويلس أو أي من أبطال هوليود -باستثناء توم كروز المشهور بقصره- يحاول الأمريكيون تضخيم بن لادن عبر وسائلهم الإعلامية وجعله ضخماً بالحجم الذي يستطيعون فيه أن يقاتلوه، لكن دون فائدة.

أخيراً في فيلم Matrix يقاتل الأمريكيون عدوهم الافتراضي على طريق الإنترنت داخل عوالم غريبة ومعقدة وطبعاً ينتصر البطل ويحرر العالم. في أفغانستان لا يوجد تلفزيون أو صحن استقبال أو حتى صحن ستانلس ستيل للطعام، وهذا ما لم تكن أمريكا تعرفه أو أنها تعرفه.. وتخبئه.
على كل فإن السينما الهوليودية ستشهد في الفترة المقبلة هجمة على وجوه الممثلين السمراء، وستكون هذه الوجوه الأكثر طلباً، لذا فإن أي طموح يبتغي الذهاب إلى هوليود ليمثل هناك فإن الفرصة أصبحت مواتية، وخاصة إذا كان يمتلك لحية كتلك التي يمتلكها أسامة بن لادن.