إحراق الأوراق الثقافية.. النقد من أمام الخشبة ومن وراء الكواليس:

خلال الفترة الاخيرة اطلعتُ على عدد كبير من المقالات النقدية التي كتبت عن عروض مسرحية وسينمائية وعن المشهد الثقافي السوري، في الصحف المحلية والصحف الشقيقة، إن جاز لنا أن نسمي بعض ما يكتب نقداً، وقد تبين أن الكثير من النقاد الصحفيين الذين يعملون يقسمون إلى عدة أقسام، فقسم يقوم بالعملية النقدية من أمام خشبة المسرح أي أنه يشاهد العرض، مرة أو مرتين، ثم يعود إلى المنزل، أو إلى أحد المقاهي، ويقوم بكتابة مقاله النقدي،

وقد يعتمد على بعض المراجع في توضيح بعض الأفكار أو صياغة بعضها الآخر، وغالباً ما يكون أحد مرتكزات بحثه في هذه المراجع هو المعجم المسرحي، أو إحدى سلاسل المسرح العالمي، وأطلقت على هذا النوع من النقد من أمام المسرح، وغالباً ما تأتي نتائج قراءته النقدية مخالفة لكل ما أراد المخرج قوله. 

والقسم الثاني من النقاد الصحفيين، يقوم بزيارة قصيرة لكواليس المسرح بعد انتهاء العرض ويقيم خلالها لقاءً صحفياً غير مصرح به مع المخرج أو الدراماتورج، وقد يعرج على مصمم الديكور والملابس، كي يستوضح بعض النقاط، ويرى إلى أي مدى تتطابق رؤيته مع رؤية أصحاب العرض، ليعود بعد ذلك في اليوم التالي ويستمزج مجموعة من آراء الأشخاص الذين يقفون في الخارج، ويلتقط بعض الأحاديث التي تدور هنا وهناك، وتجده يقفز من مجموعة إلى أخرى، وغالباً لا يكون الحديث ودياً، إذ يتم التنقيب عن كافة العيوب والمشاكل في العروض، ويتم الحديث عنها، باستثناء عروض الموسم الماضي ولم يكن الأمر متعباً خلال الموسم الماضي فلم يكن الأمر يحتاج إلى الكثير من التنقيب باستثناءات بسيطة.

 وفي المرحلة الثالثة قد يتصل الصحفي إياه بمجموعة من الأصدقاء  الذين لم يستطع أن يلتقي بهم خلال العروض أمثال (ع.أ- خ.د- ح.ح-غ.م-) وغيرهم كثيرون ممن يكتفون بالنقد خارج المسرح دون أن يكتبوا، فيستخلص عصارة أحاديثهم، ثم «يطج» مقدمة عن مؤلف العرض منسوخة من إحدى سلاسل المسرح إن كان العرض مأخوذاً عن نص عالمي، ويتمه أيضاً بشروحات منسوخة من المعجم المسرحي.. وبذلك ينتهي المقال، وغالباً لا يعجب المخرج بالمقال.

وقد اختصرت إحدى الصحفيات هذه المراحل كلها وقامت بتحضير الوصفة بمعايير ناقصة، فقامت بحوار مع المخرج المسرحي، وأزالت اسمه من على كل كلمة قالها، ونزل في الجريدة على أنه مقال نقدي باسمها الخاص.

أما القسم الثالث وهو من القطع النادر فلا يكتبون عن العرض أصلاً، بل يكتبون عن الحضور في المسرح. فكتب أحدهم: وقد شاهدت الممثلة الفاتنة تقف في الصف الفلاني والمخرج الفلاني في الصف العلتاني، وينسى أنه ابتدأ مقاله ليكتب عن العرض، وينجر في صف أسماء الحضور، وغالباً لا يعجب المخرج بالمقال.

أما القسم الأخير من النقاد فهو يسب ويلعن الأقسام الأولى ولا يقوم بأي شيء أو أي فعل على الإطلاق.. بل يكتفي بسب ولعن حركة النقد الثقافي.. ويتعلل قائلاً إن هو كتب لن يجد أحداً ينشر له لأنه يكتب نقداً ملتزماً، وغالباً ما يؤيد المخرج عدم كتابة هذا المقال.

■ عمرو سواح 

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.