إصدارات: فرانسيس ستونور سونديرز: «من الذي دفع الثمن»
إذا كان الكثير من المثقفين والمفكرين عرباً كانوا أم عالميين أعلنوا فور انهيار الاتحاد السوفيتي بملء أفواههم «أننا كنا نعيش في زمن الخديعة …لقد خدعنا.. وعلينا إعادة التفكير في الكثير من الأمور.. » وإن كانت هذه النتيجة قد حدت بالكثير من المثقفين إلى أن يعيدوا التفكير حقيقة بالكثير من مواقفهم المعلنة ويعيدوا جدولة الكثير من أفكارهم وتنسيقها، فإن كتاب فرانسيس ستونور يمثل صفعة مشابهة جديدة لهم، في الخديعة الحقيقية التي كانوا يعيشونها، سواءً طوال العقود التي رافقت قيام الاتحاد السوفييتي أو في العقد الذي تلا انهياره، والسنوات الأولى من الألفية الجديدة.
وثائق من قلب مصنع الخيال الأمريكي، تنشر لأول مرة، عن حجم المعركة الخفية التي كانت تدور بين الأجهزةةة فمن الذي دفع الثمن ؟؟؟.
يرى المفكر إدوارد سعيد في الكتاب الذي قدمته سونديرز بحثاً جديراً في القراءة وفتحاً في مجال البحث التاريخي.الكتاب الذي تقدم سونديرز من خلاله وثائق شديدة الخطورة فاضحةً اختراق الـ «C.I.A» للكتّاب والمفكرين في أوربا وأنحاء أخرى من العالم، وتسلط الضوء على تمويل الأجهزة الاستخباراتية للكتاب والمفكرين والمجلات الأدبية من خلال منظمة «من أجل حرية الثقافة» والتي كان مقرها في باريس.
يقوم الكتاب على وثائق لم تكشف من قبل وحوارات أجرتها المؤلفة مع شخصيات كانت متورطة أو على علاقة بتلك المرحلة، مقدمة تحليلاً عميقاً للحركة الثقافية والفنية، لتوظيف الـ «C.I.A» لعملائها في هذه التحركات والتجمعات.
يقول شاري شين:«جاء وقت .. بدا فيه كأن الحياة فقدت قدرتها على ترتيب نفسها. وكان خليقاً بها أن ترتب. وقد أخذ المفكرون هذا العمل على عاتقهم. وكان هذا الترتيب من زمن ماكيافيلي إلى الزمن الحالي، المشروع العظيم والبهي والمعذب والمضلل والكارثي».
يبدأ الكتاب منذ إعادة تشكيل النظرة لأمريكا ولأجهزة استخباراتها كونها مشجعة للتعبير الثقافي الحر والديمقراطي، وتأخذ المعلومات تتدفق في هذا الكتاب دون انقطاع بدءاً من تشكل النواة الأولى لهذه الآلة التي ساهمت في تصنيع قرن كامل، من سخرية القدر الذي أنقذ فيها السوفييت الرجل الذي فعل في عقدين الكثير لتدمير محاولاتهم من أجل الهيمنة الثقافية.
وتدور الحرب التي تشمل كل ميادين الثقافة.
إن هذا الكتاب الذي يكشف شبكة واسعة من العملاء ورجال المخابرات والاستراتيجيين، صفعة جديدة توجه لبيادق العالم، عن هول الخديعة الرهيبة الحقيقية التي عشناها في ألفية الخرافة كما أطلق عليها بعض المثقفين، ليس إلاّ فصلاً من فصول الخدعة الرهيبة التي ما زلنا نعيش فصولها إلى يومنا هذا.
من الذي دفع الثمن «Who paid the piper»
وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والحرب الباردة الثقافية
المؤلف: فرانسيس ستونور سونديرز
ترجمة: أسامة اسبر
دار الطليعة الجديدة
يقع الكتاب في 368 صفحة من القطع الكبير