أفلام المشترك الإنساني في مهرجان دمشق السينمائي

أهم ما ميّز أفلام المسابقة الرسمية في مهرجان دمشق السينمائي الأخير هو وجود المشترك الإنساني في معظم الأفلام المشاركة على اختلاف المدارس السينمائية وطرق الطرح والتنازل.

وقد تطرقنا في عددينا السابقين إلى بعض هذه الأفلام ونجد لزاماً علينا متابعة تناول بعض هذه الأفلام.

الفيلم البريطاني ـ فندق رواندا

يوثق الفيلم لحالتين

- التعصب العرقي الأعمى الذي يطال أبناء الأمة الواحدة والذي يزرعه المستعمر.

- تجاهل المجتمع الدولي للكثير من المذابح وحملات التطهير العرقي.

في رواندا يخرج المستعمر البلجيكي بعد أن يزرع بذور الشقاق والفتنة العرقية بين أفراد القبيلتين اللتين تشكلان الأكثرية (الهوتو بملامحهم الزنجية) والأقلية (التوتسي ببشرتهم السمراء وبأنوف أقل عرضاً!!).

تبدأ فصول المذبحة والتي أعد لها مسبقاً.. السواطير المستوردة بأثمان بخسة هي الفيصل بين الهويتين، والإذاعة الرسمية هي المكان الأمثل لإطلاق الخطب التحريضية والتي تحث على (قطع الأشجار العالية).

في فندق التلال في العاصمة كيغالي تبدو قوات الأمم المتحدة عاجزة عن أي فعل إلا إخلاء الرعايا والصحفيين الأجانب وترك اللاجئين الروانديين ليواجهوا مصيرهم.

خارج أسوار الفندق ـ الملاذ، تعلم، أنت المتتبع، أن المذابح خلّفت أكثر من مليون قتيل، وتشعر أنك تمشي فوق أرض مزروعة بالحقد والجثث وتسمع أنات من أثخن بالجراح ولم يمت، وتشتم رائحة دماء تنبعث من كل مكان.

الفيلم الإسباني ـ ساعات الضوء

أن تكون مجرماً يعني أن تُعاقب، ولأن العقوبة من جنس العمل يُحكم «غارفيا» المجرم بأحكام عديدة تصل إلى السجن لمدة تزيد عن مئة عام.

وعندما يحاول المجرم الهرب يصبح خطراً ويلقى القبض عليه ليودع في سجن قد خصص للمجرمين الخطرين.

في هذا السجن تتشابه الأوقات والأشياء ويعيش المجرمون في زنازين انفرادية ويعاملون بوحشية حذرة منزوعاً منها أي صفة إنسانية، فلا يلبث المجرم أن يفكر بإثارة الشغب، ولأن المجرم خطر وبركان كامن قابل للثورة في أي وقت، لذا لابد أن يصار إلى تهدئته ولو باستعمال حقن تؤثر على قواه الذهنية، ولأن المجرم مهان ويعامل كالحيوانات الهائجة في الأقفاص، لذا لا ينفك يفكر بالثورة على سجّانه وقضم أي جزء من جسده.

 

تبدو هذه الثنائية بلا نهاية إلى أن تأتي ممرضة لتشارك الطاقم الطبي المشرف على السجن مهمته، لكنها سرعان ما تحتج على إساءة معاملة السجناء وترفض الامتثال للأوامر، وتخلق علاقة بينها وبين غارفيا (أخطر السجناء) وتحرض على زيارته والاتصال به، ثم تترك عملها وتعرض ما لديها من معلومات حول هذا السجن أمام وسائل الإعلام والجمعيات الحقوقية، فيتقرر إغلاق السجن ونقل السجناء إلى سجون عادية تتكرر على زيارات الممرضة واتصالاتها بغارفيا فتستيقظ لديه من جديد الرغبة في الحياة وبفعل كل ما هو جديد.. يبدأ برسم لوحات صغيرة لا تلبث أن تصبح جداريات تفتح فسحات للحرية على جدران السجن، ويتفجر لديه نهم للقراءة لنرى معه أن إيقاظ الجانب الخيّر من الإنسان يحتاج إلى ساعات من الحب يكون المرء فيها إنساناً.