ماذا تقول يا صاحبي؟.. وجبات سريعة

- لحديثنا اليوم مذاق متنوع يلائم مانتناوله من وقائع وجوانب متباينة.

■ كأنني بك تريد أن تمارس دور طاه يقدم وجبات مختلفة النكهة والطعم.

- يمكنك أن تتصور ذلك فلدي في الواقع الحامض والحلو واللفان، و"عينة" عن المذاق الأول هو ماتحسه وأنت تبصر شاحنة البلدية تحمل عناصر الشرطة تباغت تجمعات أصحاب بسطات الخضراوات والفواكه التي تنتشر في بعض المواضع قريباً من دور العبادة أيام الجمعة قبيل وبعد صلاة الظهر، وينقض عناصرها مطاردين الباعة فيأخذون الموازين ويحملون سلال و "سحاحير" الفواكه والخضار بينما يتبدد شمل الباعة وهم يهربون بما استطاعوا "إنقاذه" في كل اتجاه والناس يتابعون منظر هذه المداهمات " الحضارية" مستغربين مايرونه من أساليب متخلفة في التعاطي مع ظاهرة إشغال الأرصفة، فالمصادرات تتم بقوة السواعد وعنصر المفاجأة دون ضبوط أو وثائق أو قيود والأنكى أن ترى هذه الحملات تستثني بعض البسطات "عينك .. عينك"، وتعود المعزوفة لتتكرر كل يوم جمعة مثيرة في الحلق طعم حموضة جارحة.

■ وماالحل المناسب برأيك؟!

- الحل بسيط وممكن التحقيق وينهي مناظر المطاردات والمصادرات وهو أن تنظم البسطات بإشراف دائرة الخدمات المعنية وبخاصة أن الإشغالات لاتتعدى أربع ساعات من أيام الجمعة فقط.

■ دعنا الآن من الحموضة، وقدم لنا وجبة حلوة المذاق.

-  الوجبة يا صاحبي هي زيارة مدينة دير عطية، تلك المدينة الجميلة الوادعة الهادئة، فزيارتها تجعلك تحس شعور المواطنة وانتماء المواطن لمدينته فيساهم مع أبنائها في واجب المشاركة الفعلية والعملية بعمرانها ورعايتها وتطويرها لتزيد ألقاً وبهاءً في عيون الجميع.

وهذا شيء فريد حالياً ويكاد ينحصر في عدد محدود جداً من المدن والبلدات السورية. وفي المقدمة تأتي دير عطية فهي مدينة نموذجية أنيقة ورائعة ومتطورة بشكل لافت من حيث التنظيم والأبنية والشوارع والحدائق وملاعب الرياضة والمدارس والجامعة وقصر الثقافة والمتحف الكبير وصالة الأفراح" المجانية" ودار المسنين والمشفى الحديث والمنطقة الصناعية الحديثة والتشجير الواسع على الرغم من ملوحة التربة وقلة الأمطار والمياه، والنظافة الواضحة بأجمل صورها فلا تقع عينك على مخلفات أو قمامة ولاترى حاوية ، فقسم التنظيف بدائرة خدماتها يتولى جمع القمامة من البيوت بواسطة آليات تطوف شوارعها وحاراتها وبالتعاون الكامل مع أهل المدينة ضمن أوقات محددة ومعروفة للجميع  وصدق من قال: "النظافة يصنعها النظيفون".

لقد غمرني وأنا أتجول في أرجائها شعور بالسعادة والفرح وأحسست بصدق الكلمات التي تحملها لافتات صغيرة على مداخل المدينة "افرح معنا فنحن نبني وطننا". وكم تمنيت أن أرى هذا النموذج الحضاري الجميل ينتشر في كل مدننا وقرانا.

■ ولهذا يستحق أهل دير عطية التحية والتقدير والإعجاب.

- نعم... وسأختم حديثي معك يا صاحبي بوجبة تحمل مذاق "اللفان" بين الحامض والحلو وهي دعابة لأحد ظرفاء دمشق وتحديداً "مجيد الفوال" وهو كما يعرف الكثيرون من أهل دمشق، واحد من أشهر وأقدم بائعي الفول المدمس في السوق العتيق في دمشق، والدعابة تقول أنه علق في صدر دكانه إعلانا ً يتعهد بموجبه إعطاء من يعثر على "سوسة" في فوله مبلغ مائة ليرة سورية وذلك أيام كان سعر صحن الفول خمسة وعشرين قرشاً أي ربع ليرة سورية. والطريف أنه عندما يعثر أحد الزبائن على سوس في الفول ويندفع طالباً المبلغ المذكور يبادره مجيد الفوال بقوله: أثبت لي أن ماعثرت عليه هو "سوسة" أنثى وليست ذكراً كما جاء في الإعلان وإلا لن أعطيك قرشاً واحداً... وهكذا "ماحدا يقول عن فوله مسوس" فماذا تقول يا صاحبي؟!

 

■ محمد علي طه