تصبحون على وطن!!.. «ويلاخ.. ويلاخ»! 

أخاك أخاك إن من لا أخاً له

كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاح!...

هذا ما قاله منذ أكثر من ألف عام الشاعر «مسكين الدارمي».. وعلى ما أعتقد أن نزعة الإخوة التي شدد عليها «مسكين» في حينه، تعود إلى أن دم الإخوة كان حينها مايزال دماً.. وليس ماءً أو مازوتاً أو ثاني أكسيد الكربون.. حسب تجليات اليوم!..

وشاعرنا الذي تغنى بالأخوّة باعتبارها سلاحاً قاطعاً ضد الأعداء في زمنه، لم يتغن بها لأنه «مسكين».. لكنه لو جاء إلينا اليوم، لضحكنا ملء أشداقنا عليه.. وأكدّنا له: أنه «مسكين» ومغفل... وزيادة على ذلك نغيّر له كنيته من «الدارمي» إلى «الدرامي».. ليصبح «دراما للمسكنة» قائمة بحد ذاتها!!..

إلاّ أن مفهوم الإخوّة التي أكد عليها الدارمي في حينه، مازالت فعّالة ونشطة في خطابات الأخوة والأشقاء العرب.. الذين مافتئوا يوسعوننا خطابات حول أهمية ودور الأخوة العربية ـ العربية، والأخوة العربية ـ الكردية... ودور الأشقاء في رفع الشقاء عن الأشقياء.. إلى آخر تلك الخطابات الطنانة الرنانة... لكن فاتهم أن يذكّرونا بأن الإخوّة التي يتحدثون عنها، هي إخوّتهم للإخوة الأمريكان وآل صهيون.. وذلك بعد أن رضعوا من صدر «النظام العالمي الجديد» اللبن الأمريكي بكامل دسمه الصهيوني!!..

وعذراً من الفرزدق، الذي لم يعد شعره صالحاً في زمن «اليانكي».. فأين تُصرف كلماته؟:

يمضي أخوك فلا تلقى له خلفاً

والمال بعد ذهاب المال مكتسب!..

وخير من وضع مفهوم الإخوة في مكانه المناسب، هو الشريف الرضي، حين قال:

يُعرِّفُكَ الإخوانُ كل بنفسه

وخيرُ أخ من عرّفتك الشدائد

وقراءة في شدائد اليوم، تُعرفنا حقيقة الإخوان:

 ■ في تصريح للمكتب الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين في سورية، (يستنكرون بغضب العمليات التي استهدفت القوات الأمريكية والإسرائيلية في العقبة وإيلات).. ولم يسبق لهم أن استنكروا فظائع الاحتلال الأمريكي للعراق أو المجازر الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني.. بل تغنوا «بسطوع شمس الحرية» التي تفرضها المتغيرات الدولية!!...

 ■ وفي جملة التصريحات النارية (للأخ) الجنرال عون.. يدعو للعفو عن العملاء الذين تعاملوا مع «إسرائيل» خلال احتلالها لأجزاء من جنوب لبنان.. واعتبرهم «لاجئين لبنانيين في إسرائيل».. ضارباً بعرض الحائط بالكرامة الوطنية وبدماء المقاتلين الذين أسسوا لمشروع المقاومة الوطنية اللبنانية... و(الأخ) عون هو المرشح الأقوى اليوم للرئاسة اللبنانية، بعد أن حصل بامتياز على شرف الانتماء لمدرسة العمالة والتفريط بالأوطان!!..

 ■ يحفل التراث الفني العربي ببكائيات لانهائية.. تبدأ بالوقوف على الأطلال ومناجاة الحبيب.. ولا تنتهي بلطم الخد على نكران الجميل وضياع العمر ومضارب الأهل وقسوة الخلان.. ولأن الأخ هو الظهر والسند.. يُستدعى عند الويلات والملمات في مواويل تبكي الحجر:

«ويلاخ.. ويلاخ.. ويلاخ»... أي «الويل جاني ياخيي تعالا»!!..

ولأن الأخ على أهبة الاستعداد لتلبية نداء أخيه.. تمخر أساطيل «المارينز» عباب البحار لنجدة الإخوان على الفور.. ولأن الأخ المشتكي في أسوأ حال.. يعيد الأخ المنتخي لنجدة أخيه ترتيب وتركيب الأمور ليصلحها، وليس هماً عندها أن تقطع الرأس.. أو تسيل الدماء:

 لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى... حتى يراق على جوانبه الدم..

 ■ وإن كان فرسان الأمس يفخرون بإخوة الدم.. بعد أن يتبادلوا لثم الخناجر على سواعدهم ليمتزج دمهم بدمهم في السراء والضراء.. فإخوان اليوم يبادلون إخوتهم اللثم نفسه.. ولكن على الرقاب!!..

 ■ ومع دخول مصطلح «اقتصاد السوق الاجتماعي» على السياسة الاقتصادية السورية.. فإن قرارات التأميم التي اعتبرت حتى الأمس القريب أنها قرارات ثورية أعادت المعامل لعمالها، والأرض لمن يعمل بها.. إلاّ أن جهابذة السوق بإشراف السيد الدردري يعيدون النظر بهذه القرارات، بعد أن تبين أنها قرارات (تخريبية) تضر بالأخوة وبالمصلحة الوطنية العامة.. وخسّرت أصحابها (مال قارون)!!.. وتركوا الإخوة في اتحاد نقابات العمال يتخبطون وهم يبحثون في جدوى إخوّتهم مع سادتهم.. بعد أن وحد قانون العاملين الموحد مفهوم العامل، إن كان وزيراً أو مديراً أو عاملاً على خطوط الإنتاج!!..

ولا يبقى إلاّ أن نقول: «ويلاخ.. ويلاخ.. ويلاخ»!!...

 ■ كمال مراد

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.