رائد وحش رائد وحش

ربما ..! «1000 ل.س» فقط لا غير

ثمّة مشهد هزيل للكتابة في سورية قلّما يتمّ الحديث عنه لأنه يتمّ في منطقة ظلّ. ففي صحف ومجلاّت النقابات والاتحادات والمنظمات (الشعبية) التي لا يعرفها سوى قلة حتى في صفوف تابعيها (الشعبيين) رغم أن أعمار بعضها ينوف على العقدين أو الثلاثة من الزمن، في هذه الصحف هناك كتبة لا تعرف من أمرهم شيئاً إلا أن دواعيهم للكتابة هي قيمة الاستكتاب المالي. ومع أن العشرات من هذه المطبوعات تتوفّر لها إمكانيات كبيرة من جميع النواحي الفنية والمادية التي يمكن أن تشكّل رافعة أو داعمة للصحافة السورية بالعموم، ستجد أن الكارثة تكمن في سياساتها التحريرية التي جعلت من الكتّاب الكومبارس ينظرون إليها بوصفها دجاجات بيّاضة وحسب، فهي تُقدّم بشكل لا يُهم أحداً على الإطلاق، إذ تركز على صور المسؤولين في تلك الجهات، وعلى (النشاطات) الداخلية فيها، دون أي اعتبار لهموم أخرى، مما يجعلها منابر شعاراتية بامتياز، لكن في المستوى السطحي للشعار، أو أنها نشرات في أفضل الأحوال، حيث يطالع القارئ فيها مقالاتٍ مطرزةً بالفصاحة منشّاةً بالرطانة، سيحرّر أصحابها فلسطين، وسيعيدون الجولان السليب، وسيحقّقون تحرير المرأة، ويقيمون أود العملية التربوية في البلاد، أما كيف ومتى وأين؟؟ فذلك ما لا يعلم به إلا الله!! ربما لأن المسألة برمتها ليست سوى أن مبلغاً من هذه النقابة أو تلك المنظمة يجمّع دخلاً لا بأس به لمدبّجي تلك الأقاويل! إنها صحافة الـ«1000 ل. س فقط لا غير»!!

في الجانب الأدبي يكتب أحدهم عن نزار قباني مقالاً بأسلوب وتكنيك موضوع التعبير الأدبي المعتمد في المدارس الثانوية، إذ يقوم النص على شاهد شعري وتعليق هو شرح مدرسي للشاهد، ولك أن تعتبر (من العِبرة) حين تعرف أن كثيراً من هؤلاء الكتاب أساتذة في الجامعة!! وفي الجانب السياسي ثمة مثال طريف للغاية، حيث يذهب أحد هؤلاء الكتبة مع العزة القومية إلى الحد الذي يستشهد بكلام لرئيس حكومة (إسرائيل) السابق إيهود أولمرت ليقول، وعلى لسان أولمرت: «إن الكيان الصهيوني...»..، وربما ما كان سيضير هذا الشاهد في شيء لو أضاف على لسان أولمرت مفردة «الغاشم»!!

وبعيداً عن هذه الدرر الكتابية النفيسة يبقى السؤال المطروح على هذه المطبوعات الحاضرة الغائبة: أليس في الاحتجاب خير؟؟ ومن جانب آخر، أليست المشكلة تتأتى كانعكاس لغياب دور هذه المنظمات على أرض الواقع؟؟