كتابات بأقلام أطفال اللاذقية
كم من مرة قرأنا شعراً مما يكتبه أطفال العالم وصفقنا وجوهنا أنْ: هذا هو الشعر!! وكم من غصة كتمنا ونحن نتساءل: ولماذا لا يكتب الأغبياء الصغار الذين عندنا مثلهم؟؟
السؤال الجائر سيتراجع صاغراً مع كتاب «غيمة الشعر الوردية» الذي صدر عن ورشة «شعراء صغار» التي كان قد أقامها وأشرف عليها الفنان عصام حسن في مدينة اللاذقية خلال العام الماضي. طريقة تقسيم فصول الكتاب توضح طريقة عمل الورشة الطفولية التي كانت تكتب انطلاقاً من مفردة كـ: كتابي، الصداقة، أحلامي، النقود، التلفاز، حذائي... إلخ.
يغرق القارئ مع نصوص الكتاب في محيط واسع ومنعش من الأفكار المدهشة والعوالم الخيالية الفائقة الروعة، ففي باب الصداقة تكتب الطفلة سها كمال الدين (12 سنة): «هناك قطة وكلب صديقان/ الكلب أخرس/ فأخذت القطة تنبح عنه»، لتكمل بسيريالية في قصيدة أخرى في الموضوع ذاته: «لي صديق اسمه نورس/ فحاول الطيران». وبنفس تشاؤمي يكتب الطفل عباس يوسف (8 سنوات) عن أحلامه: «حلمت أنني نملة/ فدعسني الإنسان/ حلمت أنني زرافة/ فأكلني الذئب/ حلمت أنني ملاَّح/ فغرقت سفينتي/ حلمتُ أنني أتزلج/ فحدث انهيار ثلجي». وبسخرية ومكر تكتب رهف علي (12 سنة) عن النقود: «تطير كنسرٍ/ لكنها تطير من جيبة أبي/ إلى جيبة أمي».. اللافت في كتابات الأطفال هو اتجاههم العفوي نحو قصيدة النثر التي يبدو أنها أكثر مطواعية لأفكارهم وأحلامهم وهواجسهم، في الوقت نفسه الذي تغيب فيه كلياً عن مناهجهم المدرسية!!
مع هذه الكتابات البديعة يحق لنا أن نتساءل: لم لا تولي الجهات المعنية اهتمامها لإقامة مثل هذه الورشة وبشكل واسع بحيث تنقل هذه التجربة، التي قامت بجهود شخصية طبعاً، إلى المدن السورية الأخرى؟؟