ربما ..! الكاتب في الدراما
«المسرح فن الممثل، السينما فن المخرج، التلفزيون فن الكاتب».. تضعنا هذه الجُمل المعيارية للمخرج لورانس أوليفيه في موضع حسّاس للغاية، ذلك أنها تجعل من النص الورقي عموداً فقرياً للعمل الدرامي البصري، وهو ما قد لا يسلّم به بعض العاملين في هذا المجال، انطلاقاً من مقولة أخرى ترتكز على مبدأ الوحدة العضوية بين الشكل والمضمون، بين النص وأسلوب العرض والتقديم.. لكن، وفي جميع الأحوال، يقودنا هذا الجدل إلى التساؤل عن موقع الكاتب في عملية الإنتاج الدرامي، السوري منها على وجه الخصوص.
فحيث أن الكتّاب، في الحد الأدنى، كانت لهم مساهمة كبرى في صناعة مجد الدراما السورية لاقتحامهم مناطق عذراء، وخوضهم في قضايا شديدة الجرأة، ورفع سقف الرقابة، وابتكار أساليب حداثية في الخطاب والتعبير، فالمستغرب، وغير المنطقي، أن يبقوا مغبونين من نواحٍ كثيرة، على رأسها الناحية المادية والحقوقية.
الغبن يبدأ من لحظة توقيع العقد مع الشركة المنتجة، فناهيك عن الأجر الهزيل الذي يتقاضاه المؤلف قياساً بالممثلين والمخرج، عليه أيضاً أن يخسر نصه إلى الأبد بموجب فقرة تقتضي بأن النص ملكٌ للمنتج، وبالتالي من حقّه استنساخه على أجزاء كما يشاء، مع الحق أيضاً بإبقاء أو استبدال الكاتب الأصلي بمن يشاء ويرغب. هذا عدا أن المنتج والمخرج يخوّلان لنفسيهما التدخّل بأفكار النص وأطروحاته دون الرجوع إلى الكاتب، وكم من مرة شهدنا معارك في أعمال درامية متعددة شعر كتّابها عند عرضها بأنها لا تنتمي إليهم على الإطلاق.
المسلسلات الكبيرة قبل كل شيء، كتبها كتّاب كبّار، وليس سرّاً أن الممثلين والمخرجين الذين ضربوا الآفاق في الشهرة والنجومية، ارتكزوا أساساً إلى أن نصوص وحوارات إبداعية محكمة وذات مضامين عالية، مهدت الطريق أمامهم لإظهار مواهبهم، فأوصلتهم إلى قلوب الناس..
الآن وقد بات سؤال موقع الكاتب الدرامي مطروحاً وبقوّة خصوصاً في ظل أزمة النصوص، يبدو صاحب القرار والحسم في وضع الأمور ضمن نصابها هو مثلث الكاتب، المخرج والمنتج، ولكن غياب النواظم المؤسسية والحقوقية التي تحدد العلاقة بين أقطاب هذا المثلث سيفاقم الأزمة ويعسّرها، ويقود إلى مزيد من الاستمرار في غياب المعايير.