هذا وقت اللقاء..
«إنها حرب صليبية..»، جملة قالها الزعيم المؤيد بالروح القدس في «أحلامه الليلية» والحريص على مصالح تجار السلاح ومافيا المال في «أعماله النهارية» محاولاً استنهاض همم الجميع لمحاربتنا وذبحنا سواء أكانوا رأسماليين... ليبراليين... تجار سلاح... يمين مسيحي... صهيوني... إنه جورج بوش.
لايعنينا هنا اعتذر أم لم يعتذر... لأنه كاذب في اعتذاره...
أما الآن فيأتي دور الضحية أو المقصود بالعدوان أي «نحن» لاستنهاض الهمم لمواجهة هذا الخطر الذي دهمنا في عقر بلداننا وأفكارنا.
ونفاجئ أننا وبكافة تياراتنا الفكرية والسياسية ... قوميين... إسلاميين... شيوعيين... ماركسيين غير قادرين على المواجهة متحدين، نتذرع بخلافاتنا الفكرية والأيديولوجية التي بدأت في الخمسينات من القرن الماضي، بغير إرادة منا وبتأثير خارجي عمل الآخرون على تسعير ناره، ثم لم تنطفئ حتى اللحظة. نعيش خلافاتنا برغم قدرة كل منا على تشخيص المرض، وتحسس مواضع الأزمة، ولكل منا أفكاره الثابتة وأحياناً العدائية تجاه الآخر، حزباً أو فصيلاً أو فكراً في المدينة الواحدة وأحياناً في ذات الحي الذي نعيش فيه.
هذا يتحدث عن اتحاد سوفييتي اخترق الفضاء وذاك يذكر بجيوش جرارة وصلت ضواحي باريس وثالث عن أمة عربية خالدة...
أما كيف سنهدد قريباً على طاولة الذبح!! لا أحد يسأل...
لكنني شخصياً متفائل جداً، كنت ومازلت... لأننا سنذبح بذات السكين مما يستدعي أن أيدينا جميعاً ستتحد لمواجهة الظلم والاستعباد...
من أسس للعداء بين الشيوعية والإسلاميين؟
هو بذاته الذي كتب على عملته الورقية «in god we trust» «نحن نثق بالله» إنها كلمة حق أريد بها كل الباطل... الباطل الذي يقول: أن البشرية كلها عانت وقتلت وسلبت وسرقت ثرواتها من هؤلاء الواثقين بالله.
لكن هذه العبارة استثمرت جيداً في عالمنا الإسلامي عندما كانت توضع دائماً وبشكل مقصود وخبيث في مواجهة العبارة التي تنسب للفيلسوف كارل ماركس «الدين أفيون الشعوب» حتى أن ملايين البشر ومن المؤمنين خاصة لا يعني لهم ماركس سوى هذه العبارة، والتي كلفت العالم الغربي الرأسمالي ملايين الدولارات لنشرها واختزال كل الفكر الشيوعي أو الماركسي بهذه العبارة الضيقة والبعيدة عن ترجمتها الألمانية الحقيقية.
وعلى الضفة الأخرى كان الماركسيون والشيوعيون في بلداننا غير مهتمين بتوضيح حقيقة هذه العبارة فارتكبوا خطأ فادحاً حصدوا نتائجه لاحقاً.
«الدين أفيون الشعوب» قالها ماركس في معرض حديثه عن ذلك العامل البسيط غير المثقف والذي لاينتمي إلى حزب طبقي أو نقابة عمالية تطالب بحقوقه، هذا العامل يأتي بعد رحلة شقاء طويلة خلال النهار ليضع رأسه على وسادته يعاني من الظلم والاستغلال والقهر وعندما يبحث عن سبيل للخلاص لايجد سوى الدين أفيوناً (بلسماً- مخدراً) لجراحه، هذه العبارة «الأفيون الذي كان يستخدم في أماكن كثيرة من العالم قديماً للتخفيف من آلام العمليات الجراحية يكون أيضاً بمعنى البلسم المخدر وليس المقصود هو وصف الدين بأنه شر كامل كما هي المخدرات وآفاتها الاجتماعية، وهذا الفكرة تحديداً لماركس لانعتقد أن رجال الدين الذين يفهمون الإسلام بأهدافه النبيلة في مقاومة الظلم والقهر وأنه حافز لنهوض الإنسان وليس لاستكانته وقبوله بالعجز عن مجابهة الظلم يخالفونها، أو لايفهمون أبعادها الفكرية المقصودة لو أن الشيوعيين في بلداننا كلفوا أنفسهم عناء شرحها وتقديمها بوجهها الحقيقي المراد منها، لكن خطأهم الكبير «والاعتراف بالخطأ فضيلة» أنهم أهملوا هذا الجانب في مرحلة التنافس بين التيارات أقصد في الخمسينات ورأوا أن الشيوعية بالاتحاد السوفييتي ستنتصر في غضون سنوات وستفرض إيقاعها على الجميع.
وفي المقابل أيضاً ارتكب الإسلاميون أخطاء لايستهان بها، أقول هذا كي يتحمل الجميع مسؤولية الماضي القريب» لقد رأوا في الشيوعية عدواً خطراً يجب مواجهته فيما العدو الحقيقي للإسلام ولكافة شعوب الأرض كان متصالحا ًمعهم لأغراضه الخبيثة لإخراجهم من الصراع دون علمهم طبعاً، ومن ثم يتفرغ لقهرهم كما الحال الآن في الهجمة الشرسة ضد الإسلام وتحديداً ضد قيم الجهاد ورفض الظلم والمقاومة.
ليس مايوحدنا فقط هو ذلك العداء للإمبريالية، بل هناك الكثير الكثير، وهل من دعوة اشتراكية عادلة أوضح من قول النبي محمد (ص):
«الناس شركاء في ثلاث: الماء... الكلأ... النار...»
أليس في قول الخليفة عمر بن الخطاب «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً» في مواجهة أحد أبرز ارستقراطيي قريش، دعوة لصون كرامة الإنسان.؟ ورفض الظلم الاجتماعي أو الطبقي...
الإلحاد ليس وصفة شيوعية
على مر العصور والأزمنة يوجد ملحدون، في الرأسمالية الغربية الإلحاد أشد ضراوة من أي فكر آخر، حتى في أوج تلك الحضارة الإسلامية وإنجازاتها الفكرية والفقهية أسماء كثيرة (ابن الراوندي، أبو عيسى الوراق، أبو علي سعيد، أبو علي رجاء، أبو يحيى، ابن طالوت... وغيرهم).
والشيوعي ليس ضرورياً أن يكون ماركسياً «الماركسية كفكر فلسفي إلحادي»
فقد يكون الشيوعي مسلماً أو مسيحياً، أنا شخصياً وبعد سنين طويلة من البحث والعمل كنت ومازلت معلماً أعتز بذلك الدين العظيم الذي يقوم في ركيزته الأولى على العدل ورفض الظلم والاستغلال، وسأبقي شيوعياً. . .ثائراً من أجل العدالة الاجتماعية وكرامة الإنسان، وليس من قول أجمل مما قاله لينين ونقله الرفيق خالد بكداش لسماحة المفتي الشيخ أحمد كفتارو: «إذا اختلفنا على وجود جنة في السماء، فدعنا لانختلف على وجوب بنائها على الأرض» وللحديث بقية...