دردشات رعاة ضلوا الاتجاه
الطابع الغالب لموقف كهنوت جميع الأديان من الصراع الطبقي، كان عبر التاريخ إلى جانب الطبقات الغنية والحاكمة، وإن لم يخل الأمر من استثناءات، أما من الناحية الوطنية فموقفه على الأغلب، هو إلى جانب مقاومة أعداء الوطن، والأخطار التي تحدق به، لكن يبدو أن كهنوتي لبنان (بكركي) و(دار الفتوى) لهما موقف مغاير لهذا المبدأ.
ففي الوقت الذي كانت الضرورة تفرض عليهما، كراعين صالحين أن يتخذا موقف الحياد من الصراع الناشب بين تياري 14 شباط والتيار الوطني ويجتهدان في تقريب وجهات النظر، وينتقدان الآراء الخاطئة عند الطرفين، لكنهما انحازا كليهما إلى تيار 14 شباط ذي المواقف المشبوهة وطنياً، وراحا ينسجا على منواله بتغطية المخطط الأمريكي في المنطقة، الذي كانت الحرب الهمجية الإسرائيلية الأمريكية أحد أبرز تجلياته، باعتراف رايس نفسها التي قالت عن الحرب أنها . ..... مخاض ولادة شرق أوسط جديد، وتبينا نفس أكذوبة هذا التيار بأن المعارضة تعرقل المحكمة ذات الطابع الدولي، التي جعلوا منها قميص عثمان لخداع الجماهير اللبنانية والعربية، علماً أن المعارضة قد وافقت عليها منذ آذار الماضي وهي تريد أن تناقش تفاصيلها وهذا من حقها لحصرها في مهمتها القضائية فقط، بعيداً عن كل توظيف سياسي لها، وما منعها من ممارسة هذا الحق إلا دليل على سعي تيار 14 شباط توظيف هذه المحكمة سياسياً لإبعادها عن الوصول إلى القاتل الحقيقي.
إن تيار 14 شباط الذي يحتل أغلبية برلمانية مسروقة وأقلية شعبية، كما تدل إحصاءات أصوات الناخبين للطرفين في الانتخابات الأخيرة، ارتبط أكثر فأكثر بالمخطط الأمريكي في المنطقة، ليضمن تحت حمايته الاستمرار في الحكم ونهب خيرات البلد لأنه يعلم بأن أغلبيته الحالية باتت أمنيات عزيزة المنال، كأني بوزراء ونواب 14 شباط يتساءلون: هل حقاً أنا نائب أو وزير؟ لأحافظ على مركزي ومن بعدي الطوفان.
من هنا جاء تعنت تيار 14 شباط وأفسد حكومة وحدة وطنية فيها ثلث ..... يمنعه من اتخاذ قرارات مصيرية لا تخدم الوطن.
لست أدري هل المؤيدون لفريق 14 شباط غافلون عما يجري في المنطقة عامة وفي لبنان خاصة من مؤامرات تحاك لها أم أنهم يتغافلون. قبل عدة أشهر نشرت مجلة القوة العسكرية الأمريكية خريطة عن تقطيع دول المنطقة، وإعادة تشكيلها على أساس اثني وعرقي وطائفي.
إذن فجوهر الخلاف الرئيسي يدور حول الموقف من المخطط الأمريكي في المنطقة، ومشروعه الشرق الأوسط الجديد، لذا يحق للمواطن العربي واللبناني خاصة أن يسأل القائمين على الصرحين الدينيين الجليلين في بكركي ودار الفتوى اللبنانية، هل يرضون للبنان الجميل أن يقع فريسة الليبرالية، ويستوطن فيه اللاجئون الفلسطينيون ويتحول إلى عراق جديد؟
لكن القوى الوطنية اللبنانية الأبية، ذات الماضي المجيد في طرد الغزاة الأمريكيين والإسرائيليين مرات ومرات، لن تدع هذه المؤامرة القذرة تمر، لكي يبقى لبنان، الجميل العزيز بسيادته الوطنية وعيش شعبه المشترك شامخاً كأرز لبنان الخالد.