صناعة مجلة.. ولو من جيوب العجائز
هناك نواميس أخلاقية في شغل إنتاج (مجلة( ونواظم ضابطة تدوزن الوزن، والموسيقى المهنية، والتقنية، هذا في المفترض الذي يجب أن يكون، يبدو أن هذه الصورة التي استشرت في عقول خاطئة، خاطئة، (خاطئة) الثانية للتأكيد والتوكيد الثقيلة على وزن مقولة زوربا:
(ياسيدي إن ما يجري على الأرض غير عادل، غير عادل) ومن الباب، باب نقص العدالة، نجد أنفسنا، شبه الأموات غير مخيرين، غير استراتيجيين، في نظرتنا للأشياء، أو التعامل معها، بحيث لا نميز بين الهواء الذي تسجنه الغرفة، وبين الهواء خارجها، بين الأنيق الملون كغلاف، وبين الداخل الهش بملحمة مدرسية كالتي يحفل بها كتاب (لغتي الجميلة) في منهاج التعليم الأساسي، وهكذا نصبح في ذروة إيماننا بالجميل وما يمنحه من مناخ إنساني لذيذ، كأننا خارجون من قبر داخلون في آخر، وهنا تتوضح الصورة أكثر ونتيقن أن صناعة كارثة من هذه الشاكلة، ليس بالأمر المستحيل، بل ليس من الصعب، خاصة إذا تحددت المواضيع، والمتلقي الذي توجه له، غالبا ما يكونون المعنيون بالكلمات المتقاطعة، واقرأ حظك، وأبواب ثابتة مثل) حافظي على رشاقتك) أو طبق اليوم.. الآن، الفضيلة الوحيدة لهذه الفتوحات الصحفية، هو أن حلم المثقف أو شبه المثقف، صار أكبر. فحلمه أن يكون مراسلا لمجلة أو صحيفة، لم يعد حلم المرحلة، ولأن كلمة مراسل غير مستحبة وتذكّر بالحاجب في لغة العسكر، الأجمل رئيس التحرير أو هيئة التحرير، أو من الهيئة الاستشارية، وهذه الأخيرة، في نظر الصانعين الجدد، ينظر إليها على أنها أسماء وهمية، وأسماء ممولين لأغراض دعائية، ومن هنا يمكن وضع اسم صاحب التمديدات الصحية، والدكتور البيطري، وجار رئيس التحرير بائع الفروج.. وللعلم لا تربطه برئيس التحرير علاقة الجيرة فقط، ولكن هناك أثمان فروج متراكمة، استهلكها هو وأنفلونزا الطيور على مدى شهور .
شخصي.. ويتعلق بالموضوع )صناعة مجلة(
دعيت من قبل أحد الأصدقاء إلى مشاركته حلمه، ورغم محبتي لعمل يخص الجميع، كما بيّن لي الصديق، تخوفت لأن الاشتغال على مجلة في الجزيرة، متناهبة التسميات، والجهات أمر مقلق، محكوم بالفشل، ويجلب العداوات على حد تصوري، ولأنني ثوري غير راديكالي، اتبع غاندي في سياسته ( اللاعنف )، التزمت بالصديق ومجلته التزاما أخلاقيا، لامع ممن يشاطرني الدين والقومية، أني متنصل من قوميتي، وميال للجهة الفلانية، وسمعت من الجهة الفلانية باني مندس، وأطمح لمجد تخبئه لي مجلة محدثة، وبإمكانيات متواضعة، ليتبين فيما بعد أن المجلة رغم ضيق يدها، تحتفي بأسماء (سورية) وأنها لاتهدد أحداً، وغير ممولة من حزب، أو من منظمة أو شخصيات لها مآرب سياسية، أو ارتباطات مشبوهة باستثناء منظمتين أهليتين، مصرح بعملهما من الرب، والدولة هما: أم أحمد والدة رئيس التحرير أحمد حيدر، والخالة أم رضوان والدة رضوان محمد أحد كتاب المجلة، وفي كل عدد لابد للوالدتين أن تحرصا على جيوبهما كثيرا، فهما معرضتان لغارات يشنها الولدان الممسوسان بفعل ثقافي إلا أن الحذر الزائد لاينفع، وبعد معركة صغيرة، يظفران بطيبة قلب العجوزين ليفكا كيس النقود المحفوظة من تحويشة العمر والزائد عن ميزانية البيت ولايبقى الا نصح الولدين العاقين بالكف عن هدر المال في هذا الورق الذي لايشبع ولا يسمن ولا يقيمن البرد والحر .هذه آلية صناعة مجلة، فمن أراد من المهتمين عمل شيء مشابه، عليه مراجعة مركز دراساتنا.. والاستشارة مجانية..
■ محمد المطرود