ربّما! تداعيات غياب صحافيّ كبير
في غياب جوزف سماحة، كما في كلّ غياب، هناك من يتحسّر، وهناك من يبكي وينوح، كتعبير انفعالي عن هذه الخسارة، الكبيرة بلا شكّ، فقد ذهب إلى اللاّرجوع شخصٌ استثنائيّ، وطويتْ، برحيله، صفحة هامة من تاريخنا.
في الحقيقة، لا خوفٌ ولا وجلٌ على صحافة أسّسها، ورسم ملامحها رجلٌ مثله، ففي هكذا مناخ حرّ وراق، لا بدّ من ولادة (جوزفات) آخرين، فعملياً ما أسّسه، الغائب الكبير، وما عمل على تكريسه، لن يذهب هباءً، إنّما هو فتح للطريق أمام الجيل الآتي، ليأخذ بالمنجز نحو التطوير والإنماء، حتى تكون الصحافة نقدية، ووسيلة نهوض وتحضّر.
الخوف الحقيقي علينا نحن، في الصحف التي لم يكن فيها رجل بوزن جوزف سماحة، وإن كان موجوداً فهو غير فاعل. في هذه المنابر الخواء هو السيّد، فالكتابات الملفّقة، بالأقلام والأرواح الملفّقة، جعلت من المادة الصحفية نشارة خشب وقشور بطيخ، ومن الصحف بضاعةً غير صالحة للاستهلاك البشري، ومن لحظة الحرية فسوقاً واستبداداً.
الخوف علينا نحن الذين باتت مهنة الصحافة تعني عندنا (كلام جرايد) و(حبراً على ورق)، وباتت صورة الصحافيّ في أذهاننا، تعني مروّج الأكاذيب، وبوق الخديعة، وشاعر البلاط.
الحسرة الحارقة للأنفاس، والتي يؤججها هذا الغياب، هي: كم كنّا بحاجة لجوزف سماحة آخر بيننا!
■ رائد وحش
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.