ربما شباب الوطن
لا يحمل المعني بالشأن العام غير الاحترام الفائق لكل منبر إعلامي، مرئي أو مسموع أو مقروء، يصب جمام اهتمامه على الشباب، وواقعهم، وقضاياهم، أو، وهي الصورة الأسطع، يعطيهم الفرصة ليقدموا أنفسهم بلا وسيط.. لكن الأمر المستغرب في إحدى الصحف السورية أن تفعل الأمرين على التوازي.
لكنّ الشباب كموضوع أيسر وأهون، ولا يجلب وجع الرأس، حيث يُتناولون من السطح لا أكثر. ومن جهة إعطائهم الفرصة يبدون أقل تكلفة من الناحية المالية، وأكثر عطاءً على الصعيد الإنتاجي.
ولكي لا يكون الحديث اعتباطياً، أسوق أمثلة متفرقة من الجريدة نفسها..
في تحقيق ثقافي كان موضوعه «أدب الشباب»، تم استطلاع آراء عدد من الكتاب سريعاً، في تحقيق من ذلك النوع الذي يُنجز بعدة اتصالات هاتفية، والغريب أنه لم يؤخذ رأي لكاتب شاب واحد، بل استُقدم نواب من أولئك الذين يمكن أن يسألوا عن أي شيء، ليطلقوا خلاصات حكمتهم، وأقوالهم المأثورة... في إقصاء غير مفهوم إطلاقاً للشباب عن واحدة من قضاياهم.
وفي ملحق «معاً» الذي يُقدم تحت شعار «عمل شبابي بحت»، ولا ينكر أحد أنه بادرة شجاعة في أن تُقدم مطبوعة على إعطاء هذا الحجم الواسع لطلاب قسمي الإعلام والفنون الجميلة في جامعة دمشق.
لكن من ذا الذي يهادن ويقبل الضعف، وعدم النضج؟! مادام فرصة لشباب قادمين بمشاريع حقيقية، ولا نعرف متى؟! فالحقيقي هو البداية الجادة التي لا ترضى بأقل من الأفضل، ولا تساوم عليه. البداية التي تنطلق من قيم الشباب التغييرية، وتعبر عن هواجس مختلفة وناشزة، لا أن يأتي الملحق بمستوى مجلة حائط، كيفما اتفق، بلا مزاج أو هوية. هذا ناهيك عن الثغرات المهنية الكثيرة، كأن يوقع المحرر ثلاث مواد باسمه في العدد نفسه، أو أن تقرأ تحقيقاً عن السينما السورية، وقد طُبع بالصيغة التي يقدمها الطالب لأستاذه... الغاية من كل هذا أن يأخذ الشباب الأمر جدياً كما في صحف أخرى مثل ملحق «شباب» في «السفير».. فالخلاصة أن هناك معان أخرى لهذا الجيل غير هذه التي يسمح أن يقدم بها، والتي لا تفضي إلا إلى تمييع صورته، وزيادة اغترابه داخل الوطن...
■ رائد وحش
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.