مَن ابنُ مَن؟
ضاع النسب، كثر اللقطاء، وبالتالي كثر الذين (على باب الله).. وصيغ السؤال من ابن من؟ سؤالا مشروعا يؤسس لعلاقة ما، إذا أخذنا العلاقة بين المثقف والسياسي (صورة مغلوطة) نجد أن أحدهما يخدم الآخر.. المثقف يعطي عمراً أطول للسياسي، والسياسي يقصر عمر المثقف.
الثاني يزعم أنه يهب الأول منكهات الحياة، وجمالياتها، تحميه (يد الله) ويكون أبا له، يوم لا أب له، وعلينا أن نعي معنى الأبوة، وما تمنحه من الحنان والتضحية، وهي أبوة مسلّم بها. ومتى كانت الأبوة والأمومة تستلزم التبرير، فالسياسي قادر أن يضع المثقف (ابنه) في قفص مساحته (1م2) ويقول: قل شعراً!! وقادر أن يضعه في غرفة ويقول له: غرّد.. تصوروا (غرد).. كما إنه يستطيع إذا تأزمت الأمور وضاق به المكان حزنا (تيمنا بقصيدة للمجنون محمد المطرود): «أضيق حزنا بالمكان» أن يلدغه بحب، ويحمله محفوفاً بزبانية جهنم إلى قبر أخير، منهيا بذلك مكابدته.. بربي هذه فضيلة لا يقوى على فعلها إلا الله وسياسيّو هذا الزمان (الفلتة) وهنا، سنرى في مناخ هذا النعيم، كم أن المثقف ناكر جميل! أجلسه السياسي في حضنه (فنتف ذقنه)! مع أن هذا الأخير لم يطلب من الدنيا سوى كرسي (كرسي) مع عدم تحديد نوعيته أهو من المعدن، أم من الزان، من خشب الكونغو، أم جبل صوان؟؟.. وذلك لتحقيق طموحاته الكبيرة في إسعاد (جيبه) عفوا (شعبه). فإذا منّ الله عليه وحقق أمانيه، فالله هو فعل ذلك، ولا اعتراض على حكم الله، وعلى المثقف أن يوطد علاقة السياسي مع كرسيّه الذي أحبه، ويزيد أواصر التصاقهما ببعض بحيث إذا أزف الأجل، وقبضت روح الكرسيّ، قبضت روح صاحبه معه. السياسي المسكين مكلف بمهمة (تكليف لا تشريف)، وإن الأموال المودعة لديه، خلقت لتعزز مكانته، وما هو إلا جابي، يحصل من (هذا) ويودع في رصيد (ذاك)، وعندما يبطر المثقف، يصير لزاما على السياسي أن يرى في المثقف العداوة ولا يرى أسبابها، ولايسعه إلا أن يتخيله عدواً، لا يختلف عن عدوه الاستراتيجي.. كلاهما يسعى للحد من طموحاته الشخصية (الشريفة)، فيبدأ بسن سكاكينه وتمتين أنشوطته، مقتديا بمقولة الحجاج طيب الله ثراه: «من تكلم قتلناه، ومن سكت مات بدائه غماً».
● أخيرا: عزيزي المثقف لا تندب حظك حالك.. حال إخوانك في بلاد الشاع باع، وفي جزر الثمر، وفي دولة جينارا حوا..
■ محمد المطرود