ربّما! يا لها من دعاية!
ليلاً، يطرأ تغيير طفيف على الفضائية السورية، فلكون النصف الآخر من الكرة الأرضية نهار، توجه شاشتنا خطابها للناس هناك، فتراها تبث عبر أثيرها ما يعرّف بتاريخ وحضارات هذه البقعة، وجمال طبيعتها، وحياة أهلها، وهذه الأخيرة تتم بتقديم مسلسلات محلية معروفة مترجمة إلى الانكليزية، أما ما سبق فبصور متتالية، مع عزف ناي، أو تقاسيم قانون، والملفت أن هذه الحركة الموجهة لاستقطاب السياح فاشلة بامتياز، إذ كيف تخاطب مشاهداً متعوداً على إبهار بصري، وتقنيات تصوير، وفنون إعلان عالية المستوى، بهذا الشكل البدائي؟
المشكلة مشكلة أسلوب، ففي الوقت الذي تكتسح فيه الدعاية، كفن ينزع لتكوين استقلالية، الحياة وتجبرها على اللحاق بها، تظهر لقطات لمسرح بصرى، أو أعمدة تدمر، أو إحدى القلاع، مع صوت معلّق أجش يجلب النعاس. أو يظهر مذيع يحض السياح ليخبروا أبناء بلادهم عما اكتشفوه هنا من جمال، ظنّاًَ منه أنّ المجموعات السياحية ستتهافت على مكاتب تنظيم الرحلات تحت وطأة تأثيره الفضول.
كان من الأفضل الوقوف قليلاً، من قبل الفضائية ووزارة السياحة، لمراجعة ما الذي حققه هذا الأسلوب، ولماذا، دائماً، كانت الأردن ولبنان (قبل الوضع الحالي) تختطف المواسم، وترمي مكاتبهما بالنزر اليسير لنا، وتحت رعايتهم وإشرافهم.
دعاية تركية واحدة، هذه التي تظهر على قناة الجزيرة، كفيلة بخض رأس أي أجنبي، ليظل يرى تلك البلاد في منامه حتى يزورها يوماً، وخصوصاً مع تلك العبارة المدهشة (تركيا.. تجربة خالدة) التي لا يمكن مقاومة إغرائها.