قـيـس مـصـطـفى قـيـس مـصـطـفى

الرقص المولوي إحدى طرائق التوحد والتأمل العميق

يقول مولانا جلال الدين الرومي كما ورد في الموسوعة الصوفية:( استمع للناي كيف يقص حكايته، فهو يشكو آلام الفراق في صوت هو شكاية، وإنه منذ قطعوه من الغابة والناس يبكون ببكائه، وصدره يمزقه الفراق). هذا ما يمكن أن تتذكره مباشرة عندما تشاهد الرقص المولوي كما يردنا العرض الأخاذ إلى أجواء الصوفيين في لحظة سكينة أمام الوقار الذي يفصح عنه هذا النوع من الرقص.

تنسب المولوية لجلال الدين الرومي، وهي إحدى الطرق الصوفية التي تنتشر بشكل خاص في سورية وتركيا، وتعتبر مدينة حلب من أكثر مراكز المولوية أهمية، بعد قونية التركية حيث أقام جلال الدين الرومي ودفن هناك، والتسمية مولوي جاءت من كون أصحاب الشيخ الرومي كانوا ينادونه بـ"مولانا" أو"مولوي".
لهذه الفرقة الدينية الصوفية كثير من الآراء التي تعتبر متقدمة في إطار دعوات التسامح الديني التي تطالب بها المجتمعات المتعددة الأديان هذا اليوم، فقد كانت هذه الفرقة تؤمن بوحدة الأديان، ومن هذا المنطق فهناك لمؤسس الطريقة الكثير من الأشعار التي تصب في هذا الاتجاه: (مسلم أنا، ولكني نصراني وبرهمي زرادشتي/ توكلت عليك أيها الحق فلا تنؤ عني)، والمولولوين هم أول من أدخل الرقص والموسيقى كفن مواظب عليه في حفلات الغناء الصوفي مما أثار جدلاً كبيراً في ذلك الوقت حول هذا الموضوع لايزال مستمراً حتى اليوم.
يسمى أتباع المولوية بالدراويش الراقصين، ويقيمون في التكايا، ولا يقتصر أتباع هذه الطريقة على الدراويش وإنما هناك الكثير من المريدين الذين لا يتواجدون في التكايا، ويسمون بالمحبين.
يندرج الرقص المولوي تحت تسمية الرقص الطقوسي الذي لا يعتبر حكراً على هذه الجماعة، فهو موجود في الأديان التوحيدية الثلاثة، كما أنه يتواجد عند الكثير من الأديان غير التوحيدية، إلا أن إكرام الأشقر تقول في كتابها ( الرقص لغة الجسد): (الرقص الصوفي هو ذاكرة النفس المضيئة، لأنه ليس مجموعة حركات تم ضبطها وتنظيمها من الخارج، بل هي مرتبطة بفاعلية الإنسان الأسمى، وهو يؤكد على تلاحم وتفاعل كل المعاني المؤكدة لإنسانية الإنسان حاضراً وملضياً ومستقبلاًُ).
يرتكز الدوران عند المولوي على إبهام القدم، وبالتالي يكون التصوف قد عرف شيئاً من رقص الباليه الحديث، ويرتدي الراقص لباساً خاصاً، فالثياب البيض ترمز للقبر، والقلنسوة ترمز لشاهدة القبر، وأما الدورات الثلاث التي يقوم بها الراقص حول ساحة الرقص فترمز إلى المراحل الثلاث الواجبة للتقرب من الله، وقرع الطبول والدفوف يذكر بالصور يوم القيامة.
اليوم لم يعد للرقص المولوي طابع طقوسي، يدلل على الالتزام الديني بالطريقة المولوية، وإنما صار يؤدى بغرض الإمتاع في المناسبات السعيدة كموالد الأعراس والسهرات الفنية وغيرها..