ربما بين المشرق والمغرب
تبدو أزمة التواصل الثقافي بين المشرق والمغرب العربيين داء ليس باليسير البرء منه، وعلى وجه الخصوص في التجارب الجديدة، فهذه التي تعيش في عزلة خانقة ضمن محيطها الصغير، ستحتاج إلى إجراءات من وزن المعجزات لكسر الطوق حولها. وإذا كانت الفعاليات الثقافية التي تمد جسور الصلة بينها (المشرق والمغرب) غالباً ما تكون برعاية الحكومات العتيدة، فالكارثة أكبر حجماً وأبعد مدىً، ذلك أن هذه الحكومات سوف تصدر مايناسبها، بمعنى آخر، ماهو تحت جناح طاعتها وسقف رضاها، أما النافر والمتمرد والخارج، وهذه الصفة العامة للتجارب الحقة، فمرفوض بـ «الفيتو» الثقافي الرسمي.
لا برامج التنمية، ولا خطط دعم الشباب الصادرة عن وزارات الشؤون الاجتماعية، ولا سواها، تهتم بهذه الفئة ثقافياً، وكأن الثقافة لا دور لها في عملية التنمية.
أحياناً نسمع عن مشاريع شبابية هامة عبر الشبكة العنكبوتية، وأحياناً أخرى يسعفنا الحظ بالإطلاع على تجارب فنية وأدبية عن طريق المراكز الثقافية الأجنبية، فننسى، من فرحنا، أو نتناسى عمداً، الانتباه إلى من يوكل نفسه بالمهمة.
بالصدفة التقينا شعراء شباباً من ليبيا وتونس والمغرب، وهالنا حجم القفزات النوعية التي قطعتها نصوصهم، في قطيعة فنية مع منجز شعر المشرق الذي باتت تعمية نرجسيته الثقافية تحت وهم المركزية.
أولئك الشباب في مجموعاتهم «التأويل الوردي لبياض الكوكب» و«اذهبوا قليلاً إلى السينما» و«كلما لمست شيئاً كسرته»... يصنعون مناخات جديدة لقصيدة راهنة وطازجة، مجرد بشارة لآخرين يجب أن يصلوا، أما«كيف؟» فذلك برسم أصحاب القرار.
ربما استهلكت موضوعة «المشرق والمغرب» الكثير من الحبر، طوال عقود من الحديث عن واقع واحد، ومشترك ثقافي وتاريخي، لكن ذلك كله سيظل حبراً على ورق في أضابير ومغلفات ستؤول، في القريب العاجل، إلى هاوية الأرشيف، وسيطل الشرخ قائماً إلى ما شاء صاحب المشيئة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.