طارق عبدالواحد طارق عبدالواحد

رسائل الـS.M.S : دلالات وإشارات!!..

أصبح شريط الرسائل في الكثير من القنوات الفضائية، جزءاً أساسياً في تأثيث الشاشة التلفزيونية، والصورة المبثوثة عموماً، متيحاً بذلك إنشاء علاقات شبه شخصية بين جمهور المتفرجين. ولا يخفى على أحد أن تلك العلاقات تقوم في كثير من الأحيان على التشفيرات والمخاطبات المقنّعة والتراسلات غير المباشرة..لكن من دون أن ينفي ذلك أهمية هذه الظاهرة ودلالاتها في المستويات الثقافية والاجتماعية والأخلاقية، فضلاً عن التغير البنيوي في ميكانزمات العملية التلفزيونية..حيث انتقلت القناة التلفزيونية من منصة للبثّ والإرسال إلى وسيط بين المشاهدين.

فالجمهور – عبر الرسائل- هو الذي يبثّ، وهو الذي يتلقى في آن. وما تقوم به القناة هو الانتخاب والاختيار بما يتفق مع القوانين التي تحكم العملية الإعلامية، سواءٌ المعلنةُ منها أو السرية. والمتابع لهذه الظاهرة يستطيع أن يرصد وجود "الرقيب" الذي تسلل من الكواليس السياسية إلى مختلف الأروقة الثقافية والإبداعية والإعلامية، وحتى إلى مناطق التعبيرات الشخصية.
 من زاوية أخرى، يتيح لنا شريط  الرسائل أن نرصد الآثار الجانبية لتثوير المنظومة الاتصالية، ووسائل الميديا في حالتنا هذه، وآثارها على طبيعة الاستثمار لدى شرائح واسعة من الناس عندنا، فالرسائل التي يتم تدوالها، بأنماطها وتعبيراتها وإشاراتها، غالباً ما تدحض المقولات الأخلاقية والأدبية والمناقبية.. ما يدلل بشكل فاقع على فشل سياسات التنمية البشرية والاجتماعية التي انطلقت منذ نصف قرن وأكثر!..
 التراسلات إياها التي تتم من وراء الأقنعة «الألقاب عادة» تكشف بشكل واضح عن الحياة السرية،والفضاءات الداخلية، لدى نماذج من المشاهدين الذين يواظبون على المراسلة..لدرجة أن الصورة المبثوثة تغدو، في بعض الأقنية، مجرد تفصيل أو مبرر لاستمرار البث «الأصح..تلقي الرسائل».
 وهكذا..طوال فترات البث يستمر تدفق الرسائل!..
 في الضفة الأخرى، تقوم بعض القنوات باستثمار تقنية الـ S.M.S من أجل الاستبيانات والإحصائيات في مواضيع متعددة تحددها طبيعة الحلقة، أو البرنامج، إضافة إلى طبيعة القناة وسياستها. وتكشف مثل هذه الإحصائيات عن أهمية خاصة، في ضوء غياب ثقافة الإحصاء والاستبار والأرقام، التي تقوم بها عادة مراكز دراسات متخصصة، ما تزال حتى الآن غائبة وغريبة عن مناخنا وبيئتنا الثقافية والفكرية..وهذا ما يجعل "الارتجال" الأكثر حضوراً ورسوخاً في سياساتنا وتخطيطاتنا!..
ما هو أكيد أن الرسائل المستخدمة في استبايانات واحصائيات البرامج تلك تذهب أدراج الرياح، مثَلَها مثل الرسائل الأخرى المستخدمة في القنوات الترفيهية..مع أنها – في الحالتين- تحمل أكثر من دلالة وإشارة!!..