ربّما! الجنس والكتابة
هل تنحصر وظيفة الجنس في الإنجاب والحفاظ على النوع؟ أم في اللّذة؟ أم أن وظيفته قائمة في كونه ممنوعاً لأن هناك ما يجب أن يكون ممنوعاً بلا سبب؟
هذه الأسئلة التي بلا نهاية تتبخر أمام محوريته في الوجود، الوجود القائم أساساً عليه، فالمولود الجديد ينظر إلى أعضائه لمعرفة جنسه لحظة دخوله العالم، وهو نتيجة لفعل جنسي قبل ذلك، كما أنّ حياته اللاحقة لن تغادر دائرة الشهوة، حتى قولنا أن الجنس بحجم الحياة أمرٌ نافلٌ، لأنه صانعها الأول. أمّا لماذا تم تحقيره بعدما كان ألوهياً وفعل خصب، ليصبح خطيئة تعاقب عليها السماء، وعاراً يخشاه الناس، في الوقت ذاته الذي يعدنا فيه الغيب بعالم حور وعين لا أول له ولا آخر، فذلك سؤال بلا جدوى، فالجدل حوله سيكون بيزنطياً بالضرورة. السؤال الأساسي هنا: لماذا هناك كتّاب يدعون إلى كتابة مصفاة من الشهوات؟ لماذا تحول الكاتب إلى فقيه يدعو إلى نص مخصي أو عقيم؟ أيعقل أن تكتب رواية تتناول حياة إنسانية كاملة وتشفّر الجزء المتعلق بالرغبة والحاجة وكأنهما ليستا من متطلبات النفس والجسد؟ أليست هذه الدعوات ضرب من الهراء؟
الحقيقة التي لا يمكن مواراتها التراب أنه لن يكون هنالك مكان لبصيص حرية، ما لن نبدأ من الجسد، فجسدٌ يمارس الجنس هو جسد حرّ، وجسدٌ لا يعرفه هو عبد. عبد للقمع والكبت والموت.
لا بدّ للكتابة من الذهاب إلى البعيد، أبعد من فكرة تحميل النص بعداً اجتماعياً أو نفسياً أو سياسياً من خلال الجنس على ما لهذا من أهمية ـ بحيث يصير الجنس موضوعاً جمالياً بذاته.. ما الخطر؟ ألم تزدهر المكتبة العربية بهذا النوع الذي كان مجالاً ذات يوم.
أثار روائي سوري معروف بمواقفه العفيفة هذه القضية، بعد عودته من «مؤتمر الرواية العربية» في القاهرة بفضيحة أدبية نظراً لتصريحاته ضد كتابة الجنس أدبياً لكونه لا يشغل من حياتنا أكثر من «ربع ساعة». كأنما الروائي داعية للكبت الأدبي.
رائد وحش
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.